طلع علينا البدر، فاجأنا أمجد قورشة هذا الصباح، كما في كل
صباح ومع بزوغ كل فجر، بالحقيقة الكونية الوحيدة، التي لا يبدو اننا
سنتعلمها، وهي أنه لا يمكن بناء بلد، أو دولة، أو مؤسسات، أو إسطبل، أو خم،
أو أي شيء على الإطلاق، مع قوى الظلامية والتعصب والرجعية والتخلف، قوى
العصور الوسطى والأحكام الغيبية، ألا وهم الإخوان بكامل تنويعاتهم، كما تبين من أول
الجملة.
الفيديو التالي، صنعته مجموعة من طالبات الجامعة الأردنية، ويتعلق بموضوع التحرش الجنسي في الجامعات:
يتعاطى
الفيديو السابق شأناً نسوياً أردنياً، وهو غير خارج عن أي سياق، إذ أن هذا
الشأن هو
في قمة لائحة القضايا التي تعنى ويعنى بها فامينيو المنطقة من شباب
وشابات. لكن العقل المريض، لا يريد للمرأة أن تفتح فمها بما يزعجها في بحر
الذكورية التي تجد نفسها فيه. ممنوع أن تتحدث الفتاة عن ما تتعرض له من
مضايقات، ممنوع أن تتحدث الفتاة عن حريتها وحقوقها، ممنوع. على كل، الفيديو
السابق لم يحمل صورة مسيئة لفتاة أو ما يخدش الحياء أو الشرف أو ما شابه،
حتى أن الفيديو خلا من صوت الصبايا، يعني حتى في صلب العقل المريض، فإن صوت
الأنثى العورة لم يظهر. المشكلة ببساطة أن العقل المتخلف الرجعي، لا يمكن
أن يستوعب فكرة خروج الأنثى من سلاسل العبودية والإستعباد، لتكون له نداً
مساوياً.
يظهر من رد أمجد على صفحته البارحة أن صوت المرأة المكتوم مؤرق للظلاميين. اذ ما كان من أمجد قورشة إلا أن فاجأنا بما يلي:
"نداء لدعم العفة ..!!!
"
أولاً،
الفيديو غير مسيء، لكن صوت الظلامية والتخلف، يريد للفيديو أن يحاكم كما
تم في الفيلم المسيء للرسول، وكأن هذا الفيديو يمس بالإسلام والمسلمين أو
بالأخلاق أو بشيء ما يراه المركز الإخواني ذو أهمية. أيضاً، يستنكر أمجد
كون هذا الفيديو كان جزءًا من مساق دراسي. لا والله، أما المساق الدراسي
الذي يلقن فيه الطلبة عن مفهومك في العفة والطهارة هذا مساق دراسي؟ لنر
معاً رأي صاحب الكلمات أعلاه في معنى "مساق دراسي"، المشكلة أن العديد جداً
من الفيديوهات الخاصة بكلية خرابيش للشريعة في الجامعة تحمل ما هو مسيء
أكثر للطالب والمواطن. في احدها يتحدث مستفيضاً عن سوء معاملته للطلاب،
وقلة إدراكه لمفاهيم الحب والجدال شوفو:
هذا العقل، الذي يمثل صوت الجامعة الأردنية الآن، يمتاز بما يلي: ١. إستنكار
للجدال والنقاش، أي المنطق في مواجهة التعصب. ٢. تجريم الحب والتواصل
الإنساني. ٣. خيال منفلت من عقاله فيما يتعلق بالجنس. ٤. تهديد الطلاب فيما يتعلق
بأخواتهم. ٥. التشهير. ٦. إنتهاك الخصوصية. ٧. التهديد بالصفع. ٨.إنعدام التمييز بين
العلاقات العاطفية والقوادة.
لماذا؟
لأن هذا العقل مشغول بالجنس. مشغول بتحريمه وقوننته، بترتيبه، مشغول
بإخفائه وتعليبه، مشغول هذا العقل، طول الوقت، بالخوف من الجنس والحجم
والقدرة والفترة الزمنية. هذا هو الصوت الجهوري في كلية الشريعة في الجامعة
الأردنية. يُمارس هذا الصوت والمنطق على طلبة ما زال معظمهم أطفالاً، يمارس
هذا الصوت بدون بديل ولا منافس في الجامعة الأردنية الآن. يعني لو أن هذا
الصوت يمارس أمامي، أو ضدي، لكن الامر مختلفاً. لا تحدث هذه المضايقات لمن
يعرف كيفية الدفاع عن نفسه بالمنطق والكلام، يختار العقل المريض أن يهاجم
أولائك المستضعفين، هذه طريقة عمله وتكاثره. هذا مصير أكاديميا الشرق
الأوسط، يبدو أن أنظمتنا، وفي قائمة مساوئها، لم تستطع أن تكافح آفة
الظلامية. هذا تقصير الأنظمة الأول.