إن السبب في كتابة هذه التدوينة يعود، إلى حد كبير، إلى
التعليقات ورسائل الكراهية التي وصلتني بسبب تعرضي للوهابية بالشتم
والتحقير. وبالتالي أود أن أوضح لعل اللبس ينجلي، معتذراً عن ما بدا مني من
سوء تقدير وتوضيح وصياغة وفهم: نعم، وما زال النظام السعودي، والعقل الكامن
ورائه، أشد سخفاً وسوءًا وقذارةً وسفالةً مما كتبت أو سأكتب أو سيكتب في
التاريخ البشري. إن الأحرف التي خطت وكتبت عبر العصور، لن تكفي لذم
الظلامية والرجعية والتخلف الموجودين تحت ظل الوهابية ومظلتها. يكفي أن
يزور المهتم موقع الهيومان ريتس وتش، ويفتح ملف السعودية، كي يرى مئات
التقارير المقرفة والمشينة والمقشعرة عن ما يجري في صحراء جارتنا الشقيقة.
لكن الأزمة بالنسبة لي، تكمن في ناحيتين.
أولاً: أحد التعليقات نوه أن "في بنات بتقرأوا وإذا بترضى لأختك تقرأ كلام
زي هيك ف مش كل الناس قرون ومودرن متلك". يعني يا ليت أن المشكلة بالكلام،
بل بقراءته، وليس حتى بقراءته، بل بقراءته من الأنثى، من البنت. إن العقل
الذكوري الرجعي هذا لا يستشيط غضباً لرؤية فتاة تقود السيارة فحسب، بل لمجرد
قرائتها لكلام لا يتوافق مع التقييد الذي يفرضه العقل المتزمت الظلامي
المتخلف. كم كان ليكون أفضل وأشد إخلاصاً للفكرة، لو أن الكلام التافه الذي
أكتبه ينافي أو يعارض فكرة جوهرية ما يجب عدم المساس بها، لا أبداً، أشد
فتراً بكثير، فقط تحوّل مفهوم الحرام الوهابي، بمجرد وصوله الأردن، إلى مفهوم
حرام ممزوج بالعيب. أتفه ما يمكن أن يحدث لأي فكرة هو هذا. ناهيك عن بداهة كون هذا العقل لم يخلق الإنترنت، كيف سيفعلها، وهو يخاف من الكلمة والقراءة.
ثانياً:
التعليقات ورسائل الكراهية والتهديد التي تصلني، فاترة وتافهة وسخيفة إلى
حد الجنون. ليس من المعقول، أن النظام الوهابي المجرم في السعودية، والذي
يسهل التأكد من مدى إجراميته، يتبعه أناس بهذه السخافة والفتور. للتوضيح، أنا بحاجة
إلى رسائل تهديد أشد عنفاً، وأكثر واقعيةً، كي أتمكن من إستخدامها في
طلبات اللجوء الإنساني إلى أوروبا، جنة عدن، حيث طيب الفاكهة وأنهار
الكحول. أما على هذا النمط الحالي من التهديد، فإن السفارات لن تأخذني، ولا
أنتم، على محمل الجد.
عدا عن ذلك، وللحديث في موضوع لا بد من التعرض له، فلنبدأ بالإعلام البديل على الدوار الأول، خرابيش.
علينا كمواطنين، وفي أول فرصة تسنح لنا، ولربما الآن، أن ننقض إنقضاض الذيب على الشاة، فيما يتعلق بقناة خرابيش.
في ملف حقوق المرأة، يجدر بنا أن لا ننسى، أن هذه المحطة كانت مروجة هجمات
أمجد قورشا (لا يفوتنكم أن الهجمة كانت في أكثر من إتجاه، أولاً، الفتاة
التي تصادق شاباً هي فتاة قليلة الحياء والأدب والدين، ومن جهة أخرى،
الفيلم المسيء للجامعة الأردنية، الذي انتقدته القناة على لسان أمجد، حيث
لا يجوز لفتاة أن تتحدث عن ما حدث لها من انتهاكات وتحرشات، الفتاة خير لها
أن تصمت ولو تعرضت لما تعرضت، هذه سياسة خرابيش - وهذه سياسة أكبر من
خرابيش، يأتي إلى الذهن، تزويج الطفلة المغتصبة إلى مغتصبها وبالتالي
الإفراج عنه، نعم، هنا في الأردن). أيضاً، خرابيش كانت الناشر لفيديو n2o الذي يسخر من حقوق
المرأة، متهماً اياها بأنها تكون "جمعية" (أي عاهرة) إذا ما كانت تطمح
للمساواة مع الذكر.
أيضاً، في مجال
الحريات الشخصية، كانت خرابيش مطلقة حملة حجب المواقع الإباحية، التي انتهت
بإقرار قانون المطبوعات والمنشورات المشؤوم، القانون الذي سيعيد الأردن عشرين سنة للوراء عبر تجريد الفرد من المزيد من الحريات، ونقلها للمركز
الفكري الحاكم للأخلاق، دائرة المطبوعات والمنشورات. اللطيف في هذه الحملة،
أنها ولحد الآن، لم تؤدي إلى حجب أي إباحة، بل إلى تهديد المواقع
الإخبارية البديلة فقط، وكل التحية لأصحاب المواقع الصامدين ضد هذا التغول الحاصل
برعاية خرابيش. أليس من الغريب أن الإعلام البديل يطالب بتقييد حرية
الإنترنت؟ لا ليس غريباً، بل متوقعاً من العقل الرجعي الظلامي. أيضاً، وفي
نفس الملف، خرابيش تقود الآن حملة ضد المدونة علياء المهدي، المدونة
المصرية التي نشرت صورها عارية، إذ يبدو أن هذا أيضاً يمس خصوصية خرابيش،
ويقلق نومهم، إذ كيف لإمرأة، حتى لو خارج الأردن وبعيداً عن الدوار الأول،
أن لا ترتعد خوفاً وحياءً من عورتها، أي كل جسمها، فكان لا بد لخرابيش أن
تتدخل، حتى ولو على صعيد المنطقة، وليس نشر التخلف محلياً فحسب.
في
الصعيد السياسي، لم تأت قناة خرابيش في أوقات الربيع العربي، على ذكر
الثورة البحرينية على الإطلاق، لا بل وتوقفت عن ذكر الأحداث المصرية بمجرد
وصول الإخوان للسلطة. إذ أن خرابيش، الإخوانية الطابع والنزعة، ليست سوى
بوق الأخونة في الأردن، لا أكثر ولا أقل. طبعاً الموضوع لا يتوقف هنا، بل
يستمر ليشمل تهاني خرابيش للعرش السعودي السنة الماضية.
هذا
بحد ذاته ليس مصيبة، لكن لو أن هذا، وتحديداً فيما يتعلق بإهانة المرأة،
كان قد حدث في مكان آخر، في مكان تعلو فيه حقوق الإنسان وسلطة القانون على
أي شيء، لكانت خرابيش قد اغلقت ستوديو الظلام مع أول حالة ترفع للقضاء. لكن
في ظل الظروف الحالية، علينا كأفراد ومجاميع وبؤر، أن نتصرف. لا أحد سيوقف
هذه المهزلة سوانا.
وفي ظل غياب
تحرك جماعي واسع وعريض، من أجل الدفاع عن نمط معيشي ديمقراطي ومدني، (لكن
ترقبوا نشأته في الفترة القصيرة القادمة، إذ تعمل مجاميع وبؤر حالياً على
اطلاقه، وسيكون هذا خلاصنا الوحيد الممكن في الفترة القادمة)، علينا كأفراد
أن نقوم بالتجييش والتحريض والتأليب على القناة ومنتجاتها وشبيهاتها، إذ
بما أن أيدينا مقيدة، فليس لدينا سوى اللسان، حيث أن القلب هو أضعف
الإيمان. أيضاً، وفي حال عدم تمكنك مطلقاً من تفادي رؤية آخر إبداع على قناة
خرابيش، أي رفع نسبة مشاهداتهم، لا تنسى ترك تعليق "سيئ" وضغط زر "لا
يعجبني". على صعيد آخر، إلتزم بالحفاظ على حريتك، تابع المواقع الإباحية،
ناقش النصوص المقدسة، أرفض الإلتزام بالخطوط الحمراء، شذ عن القاعدة
والعرف، عارض الرأي الدارج، اثبت على ممارسة حرياتك، إذ أن الحرية التي
تمتلكها، ليست الحرية المتاحة لك بالقانون أو أو الحرية التي يمكنك
ممارستها بالسر، بل الحرية التي تمارسها جهاراً وبشكل مستمر، كن حراً في
وجه الظلام، أصمد، حتى يصلك مد البؤر والمجاميع القادم لا محالة، من أجل
دولة مدنية ديمقراطية.
أيضاً، تابع الرابط أدناه، والذي يرصد بإستمرار إبداعات خرابيش ويسخر منها:
https://www.facebook.com/Kharaabeesh