ماتت القصة القصيرة، وأُبّنت ونُعت ودُفنت مراراً كثيرة بعد أن رُثيت بكل قرفها الحداثي. كانت في آخر أيّامها عجوزاً لا تعلم كيف تحب ولا من أين تؤكل الكتف، لا تدرك نهايتها الحتمية على يد النص القاسي، النص ونقطة
لكن، في يومنا هذا، الشيوخ نصف العراة، بذقن أو بدون، جماعة الإخوان والسلف، بلحية وقحة أو بدون، يستحضرون القصة القصيرة كوسيلة تخاطب ما بعد حديثية (ما بعد التدوين) لإيصال المعلومة، لتناقل الخرافة والأسطورة، لرمي البشر الأبرياء بالشعوذة والسحر والهرطقة، لدحض حق اللا-حقيقة بالكلام الفارغ، كوسيلة لإيصال الملل والإشمئزاز، الى بيتك مجاناً، دون أن تضطر للقيام من مكانك. على فيسبوك، قصص شيوخ مقرفة تتكاثر كما الأورام، لكن منفّرة أكثر. أحدهم يخبرنا عن ما أصاب الشاب الجميل من عذاب في القبر، ولا يتساءل القارىء كيف وصل الشيخ هناك معه في رب القبر، إذ أنها نصوص أدبية متعفنة، ندرك أنها قصص لتناقل الشعوذة، ونحتمل
الشيخ، بكل التأخر المتدلي من ذقنه، هو سمة عصرنا العربي الحالي، وإن خلا وجهه من إهمال لحى الإيمان، فهي تنمو في عقله بإسلامٍ منزوع الدسم، لأنه أكثر قبولاً في أوساط الوسط الذي ينوي شبه الشيخ أن يبتليه، بإستمناء النص وإعادة الإستمناء، حتى يُعجزنا بشىء ما، يبدو عليه الإيمان به. ينسى المشعوذ غلمان جنة عدن الموعود بها، ويضطهد بالقصة القصيرة المثليين جنسياً (عارف حالك؟ بحكي معك)، ينسى إرضاع الكبير، ولا ينسى حجاب العقل والمعرفة، ينسى، إبن آوى، ينسى قطع الرؤوس ولا ينسى التنمّر على المومسات والعاهرات المساكين، يذّكرنا بربه كل يوم، وينسى الزواج من عدّة، كشراء الحريم الذي مارسه أجداد الحضارة التي يمرّغ أنوفنا بما ترجمت، ينسى لكن بشكل إختياري ما يريد أن ينساه، كي ينام قريراً، ينسى أنه سينام عميقاً، بغض النظر، إذ لا ضمير حيث تسكن العقيدة، حيث الله يأمر بما يأمر به، وأنت تبتلي البشر بدقة تبعاً لهلوسات طقوسك الوثنية
على كلٍ، ماتت القصة القصيرة في الغرب الكافر الملعون، وعادت في اليوم الثالث إلى الحياة، بثقافة آل سعود، بإتيكيت الحديث القديم، كي تبتز وترشي، كي تهدد، عادت في أكثر أشكالها صدقاً، قصة، لكن معلومة ونصيحة، نصيحة لكن بلكنة التهديد، تهديد لكنه يوشك على التنفيذ، جريمة في مخاضها
No comments:
Post a Comment