في هذا الصباح الفاشل، يا فتّاح يا عليم يا رزّاق يا كريم يا ميسّر يا رب العباد والعالمين، لا بد أن نتحدث عن ثلاث، الناطور، ومجلس التعريص.
أولاً، وفي ملف الناطور، لم يعد من فشلٍِ أبعد ممكنٍ للدولة بعد هذا الفشل، لم يعد من عرجٍ بعد هذا الإقعاد، لم يعد من تلكؤٍ بعد هذا التلعثم والخرس، ولنا إن أردنا، أن ندهن السماء حُباً وطيوراً وسيبقى الواقع واقعاً على رؤوسنا التعيسة من سماءٍ شاحبةٍ لا تبالي، ولن تحرك ماكينة الدولة شيئاً إذ أنها مُمشكلة ومُعطلة، تماماً كماكينة تخلط الهواء بالزيت بالوقود، هذا هو الواقع من السماء السابعة على رؤوسنا، لا حول لنا نغير ما فيه من همٍ وكربٍ وضياعٍ سافلٍ يقارب السفاح. فما العمل؟
علينا كأفرادٍ أحرارٍ، أو من تبقى منا، أولائك الذين ما وطأ الموت قلوبهم ببساطير الذل والهوان، أن نتجاوز وجود الدولة تماماً، أن نعاملها كاللا شيء، علينا أن نهدم وجودها كاملاً، وساحة المعركة الأولى هي الشارع وقلوب العباد والمساكين، فلا هذه الدولة وحي مُنزل من الرب، ولا هي ضرورة لبقائنا في هذا الدرك السافل الأسفل، وإن صح التعبير، فلا يمكن مسخنا أكثر مما مسخنا حتى الآن، وبعد القاع الذي نرقد فيه لا يوجد منطقياً سوى مكانٍ أعلى نرتقي إليه. ولذلك، فإن التجاوز الدائم المستمر للدولة، وبشكل منهجي ثابت لا يحابي ولا يخاف، هو كفرض الصلاة على من أراد لهذه البلاد، أو ساكنيها، أن يخوضوا قيد أنملة إلى الأمام. إن مبادرات كتلك التي تدعوا المواطنين إلى الإحجام عن دفع مال ذل فاتورة الكهرباء لدولة الفشل (صمتك بكلفك)، ما هي إلا أصدق الدعوات وأكثرها إيماناً بقيمة الإنسان ومسيرته في هذا الوجود البارد نحو دفء ما. وعودةً إلى ملف الناطور، فإن محاولة التعامل أو التعاطي أو التواصل، مع مؤسسات البلاد وكأن لها حول أو قوة أو إدراك أو وعي أو إرادة، ما هو إلا فشل يراكم على فشل، ويصب في إناء الدولة مزيداً من عنجهية وتكبر لا يليقان بها، إذ أننا نعلم أن العنجهية ثوب أكبر من أن ترتديه هذه الدولة، التي لا حول لها تسأل عن أو تلتفت للبؤساء على أرضها.
ومن هنا، فإن مخالف قوانين السير فدائي، السارق مبشر بالجنة، الخارج عن القانون أديب، من رش على حائط الدولة سراً، أن فيها عطلاً لا يمكن إصلاحه، وليٌّ صالحٌ يدرك الكتف، من تثاءب في وجه وزيرٍ له السموات والأرض، ومناضل من بصق في عين التلفاز رفضاً. من كسر شوكة ضابط ملاكٌ يمشي الأرض معنا، بصيرٌ حكيمٌ عليمٌ من رأى في الإنتحار سبيلاً. من هجر المكان قديس، ومن أكل من ثمار الأرض على أن يمد يده لهذه الدولة راجياً العطف سيجلس في جوار الأنبياء في اليوم الأخير.
ملاحظة: علينا أن نلتفت سريعاً، إلى أن دولة الفشل، وليس العكس، ترمي وعينا بترهات الترهات إذا ما بدأت بشرح صدرها لنا، في محاولةٍ منها لتبرير ما ألّمها من سقوط، فها هو السر اليوم لاجئو سورية، وهو غداً سعر برميل النفط العالمي، ولا علم لأحدٍ بسر الفشل القادم، لكن الحقيقة الجافة الصريحة، هي أن الدولة وأزلامها، سيحْبون مئات الأميال حبياً على ركبهم، لتفسير ما ألمّ البلاد من بطشٍ وفقر وجوع، وكأنما تحتاج البلاد كي تستمر، وجوداً جديداً فيه نفط مجاني، وسلام عالمي، وإستقرارٌ ما بعده إستقرار كي تكون كما يجب أن تكون. لن يكون سبب الفشل يوماً، هم، هم الحرمية الكبار، لا أبداً لا، هو دوماً شيءٌ آخر، وكأن العالم كله يجري ضدنا، وليسوا هم فقط سر الفشل السرمدي.
ولهذا، فإن مؤسسات حقوق الإنسان أبدى بصرخات السخط ورسائل الإحتجاج من وزارة الخارجية. الأعجمي أقرب لنا من الدولة، والإستقواء على الأخ بالغريب واجب. التواصل مع اوباما عن الناطور أهم من كل الرسائل الممكن إرسالها إلى ناصر جودة، ورجاء الرضا من الرجل الأبيض أكثر فاعليةً من البوح في أطراف مراكز إتخاذ القرار. يا وحدنا، ليس لنا سوى أنفسنا، العصيان صلاة، والنميمة ذكر، والرفض ورفض الرفض تصوف. يا وحدنا، ليس لنا إلا أنفسنا، والخارج عن الإحتجاج والرفض والرقص والصلاة لا مكان للحرية في نفسه. يا وحدنا، لن يسمعنا الصم في الوزارات، إذ تعلم الأذن ما قبضته الكف، ويدرك اللسان أن الفم مليءٌ بما يسده، فلا ينطق ولا يتحدث. يا وحدنا، ليس لنا سوى الخروج عن عن كل شيء.
٨. مجلس التعريص. متى سيتمكن هؤلاء السفلة من القيام بقتل بعضهم البعض حقيقةً، يا رب كفانا أنصاف مواقف وأنصاف رجال، إسحب مسدسك يا رجل وأقتل النائبة تحت قبة الهوان، أو أمام شاشات التلفاز، كفانا بشراً معطوبين، لا يستطيعون الوفاء بتهديداتهم، يخوضون نصف الجملة وأنصاف المعارك، يرمون بعضهم دون إيذاء يذكر.
يا حجارةً واقفة. يا لبنات قبة الهوان والذل والتزوير، أسقطي نفسك على رؤوسهم، يا حجارة إن منّا من هم أقل وفاءً لنا، ويمشي بين ظهرانينا رجالٌ ونساء أشد بكماً وصماً منك، أتركي مواقعك وانزلي بعون الله على رؤوسهم، شرذميهم، كسّري عظامهم، إذ أن في مخافر البلاد من كُسّرت عظامه ولم تسمعيه، يا طوباً حساساً واقفاً شامخاً، إرمهم بنفسك واصعد إلى مكانة الأحرار والسارقين.
الحق الحق أقول لكم، يا وحدنا، وإن الحجر العابر على ناصية الطريق أقرب لنا من هذه الدولة، الطوب صديق صدّيق، والشجر إن ظللنا فبعمد، يا وحدنا، لنا أن نخلع عن عظامنا كسونا ونمضي في البرية، إذ لم تصنع الدول والمدن لنا، يا وحدنا.
great
ReplyDelete