قبل البدء، اللعنة على آل سعود أعداء البشر والشجر والحجر. ربنا أدم لنا قطر، مثلاً على سقوطنا السافر إلى أسفل الدرك والتاريخ.
في مأزق اليسار تظهر المشاكل الآتية:
يعني عندما يخرج علينا الحزب الشيوعي، أو الجبهة الشعبية/فرع جبل الحسين، أو غيرهم من اليسارين من كل الأنواع، بمواقف مؤيدة لطغاة معروفين بجرائم ضد الإنسانية، إضافةً إلى إدارة أنظمة قمعية عذبت وشردت ويتمت واختطفت الكثير من البشر عبر العقود، كيف لنا أن نأخذ هذا اليسار على محمل الجد؟ أو، كيف لنا أن نتعامل مع هذا اليسار وكأنه ليس يميناً؟


مزيداً من السقوط. حزب الله وإيران أيضاً باتوا من ضمن المنظومة التي يؤيدها اليسار المحلي. اليسار لا يكترث لكون النظام الإيراني نظاماً مجرماً طائفياً قام بمئات الاعدامات للشيوعيين عشية تسلمه السلطة، نظاماً يقتل المدونين في زنازين التعذيب. لا بل أوسخ، لا يكترث اليسار لكون النظام الإيراني نظاماً رجعياً يستند في أفكاره إلى ميتافيزيقية بائدة لا تمت للمادية أو العلم أو الناس بصلة. لا يكترث اليساري الفهمان المتفتح. فهو ديالكتيكي مرن، ديناميكي في فهمه للعالم، لا أهمية لهذه التفاصيل الصغيرة التافهة. لا أهمية لكون حزب الله، وليس حزب الشعب، هو السلاح الوحيد الذي، عدا السلاح الإسرائيلي، الذي هاجم اللبنانيين في العقد الماضي. (طبعاً مع كامل التأكيد على سفالة وتفاهة الحريري وأشكاله وما لف لفيفه)، لا يكترث اليساري لدور حزب الله في تعزيز الطائفية مثلاً، غير مهم بالتأكيد.
يستمر السقوط، إذ أن كل هذا التخلف والغباء بحاجة لمبرر. وهو واضح وضوح الشمس، مؤامرة تقودها الولايات المتحدة وأوروبا وقطر، ضد روسيا وكوريا الشمالية وإيران وسورية ومالي وفنزويلا والجزائر. مؤامرة كونية، تحرك فيها الوجود كاملاً ضد محور التحرر والإنعتاق الذي يقوده بوتين وبشار وكيم جونغ تعريص. مؤامرة لا يمكن إثباتها، مؤامرة عالمية ضد هؤلاء الطيبين الخيرين إلي على نياتهم. قد يكون الطابع الأساسي المشترك ليسار الأردن في هذا العقد هو الفهم الساذج للديالكتيك والإمبريالية، لا شيء آخر. فهم يرى في كل ما هو ضد الولايات المتحدة الأمريكية ملاكاً وديعاً وحملاً أبيضاً يتعرض للغزو، أحمدي نجاد هو تشي هذا العصر. كلهم رفاق، يا مرن يا ديناميكي.
كل هذا واليساري الأردني المتصالح مع ذاته يدّعي كونه مطالباً بإصلاح النظام، هنا لا هناك في سورية وكوريا، فقط هنا، إذ أن شعب كوريا الشمالية أو سورية الأسد لا تنقصهما الحرية أو حقوق الإنسان، لا، فقط هنا. عقل يعادي نفسه ويلتف عليها كما الأفعى، لا أكثر ولا أقل.
لا نستطيع أن نقول كل هذا دون أن نعرّج على كلام فراس محادين في تحليل هذه اللحظة في التاريخ، (للتذكير، محادين هو المفكر والفنان والمروّج الأول لنظرية الأتبوري، القائلة بأن مجموعات تسمى الأتبورين، والتي تعمل في السر والعلن، بالمجان والمال، في "الوطن" العربي وخارجه، بتمويل من الولايات المتحدة وأوروبا، لتقويض الأنظمة المشابهة لنظام الأسد، تشتمل في تكوينها مؤسسات المجتمع المدني والناشطين والحراكيين، هؤلاء التفه المطالبين بالحرية والحقوق)، يقول فراس محادين في تحليله لواقع اليسار: "مازال اليسار (المصرى) المازوم فكريا ,لايستطيع ان يرى اشارة البوصلة ,سواء فى مصرأو فى المنطقة عموما وبشكل خاص فى سوريا ..انه الفهم السطحى للماركسية , وتاثيرات مابعد الحداثة , التى حلت محل التحليل العلمى , والطبقى ,حتى انك لا تكاد ان تفرق بين النيوليبراليين واليساريين , وعلى راى احد الاصدقاء رايات حمراء ماتلبس ان تتحول لبرتقالى تحت شمس الحقيقة"
ما بعد الحداثة أصابت كل المختلفين في الرأي مع يساريي اليوم، أما هم، فوحي ماركسي منزل ولا ينطقون عن الهوى، فهم عميق للإنسان وكرامته، لا خطأ ولا تردد، هم في نور والباقي في ضلال مبين.
أخيراً، اليسار الأردني، الذي لم تصبه الحداثة بعد، ولا بالصدفة، إذ حصّن نفسه منها جيداً بأسوار من الكتب الصفراء، يسار لم يتعلم بعد تداول السلطة في أحزابه، يسار لا أثق به أن يحكمني ساعة، يسار اللجان المركزية والإنتخابات الشكلية، يسار الإقصاء وموقف الدعم للجزارين، تفو على هكذا يسار.
No comments:
Post a Comment