Thursday, August 30, 2012

النشامى يدعمون الحراك

في عملية استباقية نوعية وواسعة وفريدة، تقوم قوات النشامى، الله يخليلنا ياهم، بالبحث الدؤوب والمتواصل عن بو عزيزي الأردني في محاولة منها لدفع الحراك الأردني إلى الأمام. تأتي هذه الحملة في وقتٍ يشهد فيه الحراك الأردني تراجعاً ملحوظاً وتأخراً شديداً خاصةً بعد فشل البو عزيزي التونسي في استحضار روح الربيع إلى صحراء الأردن القاسية. 

فبعد الحملة الأمنية الكبيرة على البسطات في جبل الحسين والبلد بحثاً عمن يحرق نفسه في مجابهة إنسداد الأفق والواقع المقزز وإنعدام البديل، والتي باءت بالفشل الذريع، قررت الأجهزة الأمنية الإنتقال إلى إربد لمتابعة البحث عن بو عزيزي المحلي "لعل وعسى". يذكر أن  حسين المجالي مدير الأمن العام وفي تصريح له عقب هذه الحملات نوّه إلى أنه "لسا يابا، الحبل على الجرار" وأكد على أن "راح نجيبه راح نجيبه، يحرق حاله من هسة أحسنله بلا ما نمسكه".

شهود عيان أكدوا أن هذه الحملة "بدأت في ليلة ما فيها ضو قمر" وان الأجهزة الأمنية قامت بالضرب "عن جنب وطرف". أسعد الفشخة، ٣١ سنة صاحب بسطة في وسط البلد، أكد أن "ما في بو عزيزي عنا حبيبي، والله لأنتفه تنتيف اذا بشوفو خرب بيتنا فظيح العرظ، وأصلاً الانتحار حرام". من جهة أخرى، يؤكد مراقبون أنه "عمّي ما حدا مستعد يحرق حاله عشان الحراك، كلهم اكمن ولد بتسلو، قال مظاهرات قال".

تأتي محاولة الأجهزة الأمنية هذه "كبادرة حسن نية موجهة للحراك الشعبي والشبابي الأردني" كما ذكر تصريح الأمن العام. إذ بعد فشل الحراك الأردني الذريع في استثمار الفرصة التاريخية التي واتته في ظل الربيع العربي، وبالرغم من "كل العصير والمي إللي وزعناها عليهم، ما طلع معهم إشي". وبالتالي، تحاول الأجهزة الأمنية مساعدة الحراك الأردني على النهوض خوفاً من شبح البطالة الذي يهدد هذه الأجهزة، تحديداً الدرك. يذكر أن الأجهزة الأمنية تعتمد، وفي آخر سياسة تسويقية لها، على المظاهرات لتشكيل مسوغ لوجودها.

من الجدير بالذكر أن توقيت الربيع العربي أتى بما لا يتناسب مع هوى وأجندة حزب الشبيحة الأردني الذي نأى بنفسه بعيداً عن الواقع المحلي. ففي حين انشغل حزب الشبيحة (وهو أكبر حزب في البلاد) في تحريك كتّاب شبه الصحافة الأردنية في الرقص "على وحدة ونص" على أنغام أغاني مثل "منحبك غصبن عنك يا بشار" و"بعثي أنا اخشوني"، انهمكت شركة الإخوان المسلمين في إتخاذ مواقف تبدو أخلاقية في محاولة منها للتوسّع في الأسواق المحلية والإقليمية.

Tuesday, August 28, 2012

لا لحجب المواقع الإباحية


بعرف أحمي حالي.

المشكلة أنني لا أعرف كيف أحمي حالي ولا أريد أن أحميها، المطلوب من الدولة الأردنية أن تبتعد عنا قليلاً (تفك عنا) وتترك الإنسان بعيداً عن تغولها. ألن تسمح هذه الدولة لأي شيء بالعمل كما ينبغي دون أن تلعنه بتدخلها؟ علينا أن نتذكر أن الدولة الأردنية لم تساهم في إنشاء الإنترنت ولا بتطويره وهذا من أهم عوامل نجاح وبقاء الشبكة. لكن وين يا بابا، ستتمكن الدولة من تخريبه وتقييده وإحاطته بالقوانين البيروقراطية المتخلفة، خاصةً وأن القليل جداً تبقّى في هذه البلد ليدمروه فالتجأت الدولة الأردنية للتخريب على مستوى إنجازات البشرية. تخيلوا مثلاً لو أن الدولة الأردنية تمتلك الإنترنت، لا داعي للشرح، صدقاً، الخيال كافي. تخيلوا لو الفيسبوك تمتلكه الدولة هذه، كان من الممكن أن تضيف خيار "بلّغ عن" بدلاً من "أعجبني". فعندما نقول إنترنت نظيف، من المفروض أن نفهم إنترنت نظيف من إبداعات الحكومة.

يخي أنا أريد أن أشاهد أفلام إباحية. لماذا على الدولة أن تحافظ على أخلاقي ورغباتي الجنسية. ولست وحدي، بل على العكس تماماً، المجتمع الأردني ككل معجب بالأفلام الإباحية، وقبل الأفلام كانت الصور الإباحية هي الدارجة في الشارع الأردني ولاقت نجاحاً هائلاً خاصةً أن مجتمعنا المحافظ يقيد الحرية الجنسية للشباب والشابات. وهذا سبب وجود أول موقع أفلام إباحية في قائمة المواقع الأكثر زيارة  في الأردن في المرتبة الخامسة عشر. لأننا محافظون وشرفاء. يلعن هيك شرف على هيك محافظة، أصلاً محافظة على شو؟ على كلٍ، الموقع الإباحي الأول في القائمة يأتي في الموقع الرابع بعد الوكيل نيوز. صدفة؟ لا، يعني ماذا تشكل ظاهرة الوكيل نيوز سوى مادة استمناء على فكرة الواسطة والوطنية؟ الأزمة هي أن الوكيل نيوز تتقدم على المواقع الإباحية في ترتيبها. إن فكرنا ملياً سنكتشف أن  يد الدولة بدها حجب مش المواقع.

أما فيما يتعلق بالتشهير واغتيال الشخصيات، هل ستقوم الدولة حقاً باستخدام هذا القانون للدفاع عن ضحايا التشهير؟ أصلاً ربما كانت الدولة أول المشهّرين في البلد، إلى أي مدى  شوه النظام صورة الشيوعيين الأردنيين الأبطال على مدى عقود من الزمن؟ كم شهّر النظام بكل مناضل ومطالب بالحرية منذ تأسيسه؟ هل تركت الدولة أحداً يتحدى الموجود إلا وتجسست عليه، ومن ثم سربت أو أشاعت أو اختلقت ما يدمّر سمعته أو صورته أمام الناس؟

هل هنالك أي سبب يسمح لنا بالثقة في مؤسسة الدولة؟ هل وعدوا فأوفوا؟ هل أطعموا يتيماّ بدلاً من ضربه واقتياده إلى المخافر؟ هل منحوا حقاً؟ هل ساعدوا مفقراً دون أن يمرغوا أنفه بأحذية الولاء والانتماء؟ هل أعادوا سنون الحبس والتعذيب لضحاياهم من أقبية الظلام؟ هل من فرق بين حجب المواقع وحجب نور الشمس عن سجناء الرأي عبر نصف القرن الماضي؟ لماذا نثق بهم؟ لأننا بسطاء ومساكين! 

على كلٍ، ما هو الذي تريد الدولة حجبه؟ ما هو الشيء الذي تعتقد الدولة أنه أخطر من أن أعرفه لكنه موجود على شبكة الإنترنت؟ هذه مشكلة بحد ذاتها، أن الدولة تفكر بمنطق يقول أن عدم معرفة الناس للحقيقة المغايرة هو الحل، وليس أن الحقيقة المغايرة هي طريقة لرؤية الأمور. والله لو أمكنهم أن يقتلعوا أدمغتنا من جماجمنا لفعلوها زمان.

مستحيل أن شعباً في القرن الواحد والعشرين يرتضي الاستخفاف بعقله وحقه في الوصول إلى المعلومة. هذا ليس حجباً للإنترنت، بل نقاباً للعقل. ألا تقدم الشركة المزودة بخدمة الإنترنت حزمة وعروض إنترنت "نظيف"؟ ألا يمكن لمدعي الأخلاق والعفة والطهارة استخدامها؟ طيب شو بدكم فينا؟


يذكرني هذا بأغنية بوب مارلي، غابة الأسمنت، عندما يقول: "لا سلاسل على أقدامي، لكني لست حراً، أعلم أني هنا مسجون". 




Sunday, August 26, 2012

The foreigner's test


من الضروري برأيي أن يتوفر شكل من أشكال الإمتحان لتقييم مدى نجاعة الفترة التي يقضيها الطلاب الغربين في الدراسة في الأردن. خاصةً أن معظم من قابلتهم على الأقل، يغادرون بعد سنة بدون أدنى فكرة عن الديناميكيات الحاكمة لمجتعنا ولا لغة الشارع. هذا إمتحان مقترح يمكنك إستخدامه مع أصدقائك الأجانب. الإمتحان من قسمين، عربي وإنجليزي، ويحتوي اسئلة تعبير وأسئلة خيارات متعددة. الإجابات في آخر الإمتحان.


I believe, that there needs to be some kind of a test to evaluate the sociological and lingual knowledge that foreign students in Jordan have acquired by the end of their trip. Especially that some of them spend around a year here, while most of them do not seem to get it. Many, at least of the ones I have met, still do not seem to understand the kind of social underlying "dynamics" of the "local" surroundings nor the slang used around them. Thus, this is a proposed test, in both languages, to evaluate their experience:

1. Which of the following could be regarded as the real cause of the rainbow street phenomenon:
  1. globalization
  2. class malformation
  3. genetic inferiority
  4. the imperial west messing up our country
2.  What is the main reason why an old man would advise Arab girls to wear hijab, while to the contrary flatter with the foreign girl:
  1. Because the Arab girl is muslim
  2. Because the infidel west is going to hell anyways
  3. Better to have sex than drive her to wear cloth on her head
  4. Because he wants to communicate a hospitable image about Jordan and muslims
3. Which of the following could be locally perceived to be the main reason(s) for high unemployment rates in the middle east:
  1. The imperial west
  2. Corruption
  3. 1&2
  4. Foreign labor
  5. Jordan's poverty in resources
 4. What is the main similarity between lwiebde and Abdoun:
  1. Both are upper-middle class areas
  2. Both are being raided by foreigners
  3. Both are areas built in a non Ammani authentic style
  4. Both are slightly overpriced
5. The generally perceived reason for cancer in Jordan is:
  1. Expired food being sold to citizens
  2. Daymouna nuclear plant in Israel
  3. Hormones being added to vegetables
  4. God's will
  5. All of the above
6. Which of the following are perceived to be the countries that suffered the most from the American foreign policy:
  1. Palestine, Iraq, Jordan
  2. Afghanistan, Iraq, Sudan
  3. Palestine, Iraq, Afghanistan
  4. Iraq, Afghanistan, Sudan 


١. ما معنى كلمة سفاح في العامية الأردنية المستخدمة من قبل فتيات مدرسة البنات الأهلية: 
  1. لحام 
  2. جزار 
  3. رائع 
  4. خطأ شديد

٢. لماذا يأكل مراهقو عمان الغربية في مطعم هاشم وسط البلد:
  1. بسبب تواجدهم في المنطقة بتلك اللحظة
  2. بسبب كون هاشم مطعم شعبي قديم
  3. تمرداً على بابا وماما
  4. لأنه فايع

٣. لماذا ينأى سكان رأس العين والمناطق المجاورة عن إستخدام أماكن عامة مثل قصر الثقافة بشكل ملحوظ:
  1. بعده عن أماكن سكناهم
  2. الخوف من كونه "غالي"
  3. عدم توفر الوقت
  4. عدم وجود نشاطات قريبة منهم ثقافياً

٤. أحد أهم أسباب عزوف الشباب الأردني عن المشاركة السياسية هو: 
  1. القناعة بعدم الجدوى
  2. إبعد عن الشر وغنيلو
  3. فكك يا زلمه
  4. لا يوجد حزب يمثلهم
٥. سبب الإعجاب الشعبي بشخص الشهيد الرئيس صدام حسين المجيد:
  1. لأنه قام بضرب إسرائيل بالصواريخ ودعم الشعب الفلسطيني في انتفاضته
  2. لأنه منح تسهيلات نفطية هائلة للأردن
  3. لأنه زلمه وقد حاله
  4. لأنه ضرب الشيعة
٦. سبب توقف الاحتفالات الموسيقية بسوق جارا هو:
  1. في كتير فستيفالز بعمان فمش فاضيين
  2. مش موفيه
  3. لأن صاحب الأرض منع استخدامها
  4. نقل مكان الاحتفالات إلى مسرح البلد
٧. أمة بدها:
  1. حرية
  2. تغيير
  3. حرق
  4. شلفقة

Write no less than 300 words about 2 of the following subjects, one in Arabic and on in English: 
  1. The popular opinions about the Syrian issue in Jordan.
  2. The Islamic Brotherhood's role in the Jordanian society.
  3. The failure of the "Amman in Ramadan" festival.
  4. The 3 most sensitive taboos in Jordan and the reasons behind them.
  5. Three aspects in which the Arab Spring has changed the political scene in Jordan
Bonus questions:

Why does the average Jordanian man admire Hitler?
Name three characters that the Jordanian average person mentions positively.

please comment with your answer for the multiple choice questions for grading.

This test was originally made for Tim Durant, with the help of Waleed Laham.

Friday, August 24, 2012

عن حتر والدولة والنظام والوطن




كي يبتعد المقال عن الرد، لا بد من أن يتخلص سريعاً وفي مقدمته من ما يسهل قراءته كذلك. وما قد يقرأ كرد يتعلق بمقال ناهض حتر الصادر يوم الخميس ٢٣/٨/٢٠١٢.

أولا، لا فرق أبداً بين مقولة "من أصل فلسطيني" وجملة "أنا عنصري". ببساطة لأنها تقسم الناس أو الأفراد بناءاً على مكان ولادتهم أو سكناهم في تاريخ ما أو مكان ولادة أو سكنى أجدادهم في تاريخ ما. إن فكرة تقسيم الأفراد بناءاً على أصلهم فكرة غريبة عنا وعن ثقافتنا. إن اللبس في كلمتي عربي وعجمي وربطهما باللغة أولاً وثانيا بمكان السكن مثال واضح عن طريقتنا العربية القديمة في التعامل مع هكذا موضوع. لكن، وبما أننا  نبدأ من الرد كي يرجع المقال نقياً، فلا بد من ذكر أفكار تتعلق بحترية ناهض. أولاً، لم العودة في نقاش مواطنة الفلسطينين من بعد ال ٨٨؟ لم اختيار هذا الموعد التاريخي تحديداً؟ يدرك المقال هذا أن قرار فك الارتباط يتخذ من قبل الحترية كخط فصل بين الأردنيين والفلسطينيين. لكن لماذا لا تتخذ مواعيد مثل ال ٦٧ أو ال ٤٨ كخط فاصل؟ هذه التواريخ تمثل مواعيد نزوح كبرى للفلسطينيين إلى الأردن. لكن الحترية تتخذ ال ٨٨ بالتحديد! لماذا لا تتخذ سنة ١٩٢١ كموعد للفصل؟لا تتخذ هذه التواريخ لأنها أصعب للتسويق وفقط. تسويق العنصرية على فئة قليلة يظل ببساطة§ أكثر سهولة من تسويق العنصرية على فئة أكبر. وبالتالي لماذا لا تمارس الحترية على العائلة المالكة ما تمارسه على غيرها؟ لأن الحترية في عمقها لا تكترث للهوية الأردنية كما تدعي، بل هي مجرد عنصرية ضد الآخر الذي عبر النهر بفعل كارثة إنسانية. ألا يتبع ذلك، وأليس من الواضح والممكن، وفي حال تعذر الحصول على أدلة تتعلق بأصول أشخاص، وفي حال وجود فحوصات جينية دقيقة، أن الحترية قد تذهب لفحص جينات المواطنين لتحديد مدى أردنيتهم؟ تماما كما في المانيا النازية؟


من غير الضروري توضيح جفاء التحليل العنصري للماركسية، لكن من المهم أيضاً، وللتخلص من الحاجة للرد، (كي يرجع المقال نقياً) التنويه إلى أن التحليل الماركسي يبدأ من الواقع باتجاه التجريد، وليس العكس كما "المفارقة أن المسئولين الأردنيين يمارسون اللعبة  على الملعب الإخواني الليبرالي نفسه ويذهبون نحو الاستعانة بالتنظيمات الفلسطينية لضمان مشاركة المخيمات!" فبدلا من أن يفهم من الحدث أن التوطين ليس بالحسبان بالنسبة لفلسطينيي الأردن، وأن ارتباطهم السياسي ما زال فلسطينيا، يفهم حتر أن هذا يعني أن المسؤلين الأردنيين "يتخلون طوعا عن السيادة الوطنية ووحدة الشعب الأردني".

إستكمالا، يرى حتر أن حماس أعطت الشرعية لأوسلو بمشاركتها في انتخابات الاحتلال، لكن، ألا يعطي كل الطبل والزمر والغناء للوطن الأردني في مواجهة الفلسطيني اللاجئ شرعية ليسايكس بيكو؟ علما بأن قلة من الفلسطينيين شاركت في إيجاد أوسلو لكن لم يشارك أي أردني أو عربي في إيجاد سيكس بيكو.

عندما يقول الكاتب أن برنامج الحركة الوطنية الأردنية واضح ومحدد ومن ثم يتلوه علينا، أليس في ذلك إحتكار للوطنية؟ كيف استطاع حتر خط وتحديد برنامج الحركة الوطنية الأردنية؟ بناءً على ماذا؟ وألا يشبه ذلك منطق التكفيريين الذين يحتكرون مفاتيح الجنة؟

أيضاً، أليس من الأجدى مثلاً، إذا أردنا الإلتزام بأن الأطروحة الحترية تحتضن في داخلها (كما تدعي) خوفاً على فلسطين، أن يكون التوجه إلى دعم الفلسطينيين في الداخل بدلاً من زيادة التضييق عليهم؟ أليس من الأجدى أن يتمكن اللاجئ (بأي وقت وظرف) من التعلم في المدرسة الحكومية بدلاً من حرمانه؟ ألا يصاغ الاكتراث بالفلسطيني الأسود هكذا بدلا من مطاردته خارج الدولة والهوية و"الوطن"؟

عن النظام والدولة

من السهل الوقوع في لبس العلاقة بين الدولة والنظام. إذ يبدو أنهما متمايزان بسبب إمكانية سقوط النظام دون سقوط الدولة، والعكس أيضاً. الأولى تحدث مثلاً في الثورة، والثانية تحدث عندما تفشل الدولة أو تباع. لكن الفرق الحقيقي بين النظام والدولة أشد تعقيداً.

إن الحالة الإجتماعية والمؤسسية التي تمثلها الدولة معقدة جداً. هل يكفي العلم والأرض والبشر لتشكيل دولة؟ هل نستطيع إعتبار لبنان دولة؟ أو إعتبار الأردن دولة ناجحة؟

لربما يكون جوهر الدولة وأساسها هو فكرة إحتكار مؤسسة واحدة لحق إكراه الفرد، هذه هي الطريقة التي خطها أجداد الدول كطريقة مثلى لتسيير شؤون المجتمعات. أخذاً هذه الفكرة بعين الاعتبار، نستطيع وصف أو تعريف النظام على أنه مجموعة العلاقات الداخلية الحاكمة والمحتكرة لحق الإكراه كمؤسسة جانية للربح، إذ لا نظام برئ أو مسكين أو نظيف تماماً.

 مثلاً، من المقبول (؟) أن تتغول الدولة على الفرد في كثير من الأمور، كالإكراه على دفع الضرائب، أو سلب الحرية (السجن) لأن الفرد تصرف أو تكلم بما لا يتوافق مع الدولة أو النظام بدون إعتداء حقيقي من قبل الفرد على المؤسسة. (تحدث بإسهاب ميشيل فوكو عن ذلك في تاريخ الجنساوية، الجزء الأول). فمثلاً، تستطيع الدولة أن تعاقب الفرد على توجهاته الجنسية. كل هذا ظاهرة حديثة نسبياً. لكننا في معظم الأحيان لا نسائلها. لكن المهم هنا أن الدولة هي الوحيدة المخولة بفعل ذلك. وهذا هو تماماً أساس بقائها. لذلك، وعلى سبيل المثال، نستطيع أن نعتبر أن النظام السوري ساقط لأنه لم يتمكن من الحفاظ على إحتكار الإكراه بيد الدولة. و بالتالي تم كسر الاحتكار بإتجاه الشراكة ثم بإتجاه إحتكار جديد (نظام جديد). ونستطيع من هنا القول أن الدولة السورية تمر بحالة فشل ذريع حالياً. في حالة الأردن، نستطيع أن نرى أن كسر الاحتكار بدأ منذ زمن كحالة الشركة التي تطلق النار على موظفيها المعتصمين، أو حروب الجامعات أو حتى عطاوي القتل التي تتم خارج المؤسسة كونها فاشلة في إدارة الأمور بطريقة يثق بها المجتمع.

من هنا، نستطيع أن نرى أن أزمة الهوية (الأردنية مثلاً) نتيجة وليست سبباً لفشل الدولة. من الغريب حقاً (أو بالأحرى من العنصري حتماً) أن تؤخذ أصول المواطنين في عين الإعتبار أثناء صياغة مفهوم الدولة أو الهوية المحلية. لأن الهوية التي لا تستطيع ديناميكياً أن تحتضن بدلاً من أن تقصي هي هوية ضعيفة، وكأن البعض يريد لها ذلك. قد يتمكن البشر من صياغة ما يودون أن يكون هويتهم أحياناَ، لكن يستحيل التنصل من التاريخ والواقع في هذه الصياغة. لذلك، فإن فهم أزمة الهوية كنتيجة لفشل الدولة أصح من فهمها كسبب لرفض الآخر.

إشكالية العنف والديمقراطية

وتبعا لما سبق، فإنه عندما يقوم مواطنون باستخدام العنف لحل مشاكلهم، فإن هذا، بوعي أو بدون، يشكل تحد للنظام الحاكم ويهدد وجود الدولة كاملاً، أو على الأقل معنى وجودها. تمكنت الدول والأنظمة من حل هذه الإشكالية عن طريق إضافة مكون الديمقراطية. فالديمقراطية تشكل وهم المشاركة بصنع القرار للفئات الشعبية كخدعة لإقناعها بأنها جزء من النظام، وانها من يسير دفة الدولة. وبالتالي فإن سقوط الأنظمة الديمقراطية من الداخل أصعب من نقيداتها (أو شقيقاتها) الديكتاتورية. لأن مفر الفرد من الاحتكار القائم على الإكراه يكون بالتحدي والكسر بدلاً من تغيير الأفراد القائمين عليه كما في الديمقراطيات.

عندما يرفض الفرد قواعد لعبة الوهم الديمقراطية، فإنه، ولكونه ضعيفاً في وجه المؤسسة القوية، يلجأ إلى مقاطعة الانتخابات. وهذا هو أبسط وأسهل أشكال مقاومة اللعبة. لذا، يبدو أنه من الخارج عن إطار المنطق إتهام أولئك الذين لا يصوتون، أو يرفضون المشاركة في الخدعة الديمقراطية باللاوطنية. إن الوعي بخدعة الديمقراطية ذكاء على أقل تقدير. أو في حال آخر، تعبير عن فقدان الثقة المسبق في النتيجة. لنفترض مثلاً أن اللعبة الديمقراطية قد تنتج تغييراً حقيقياً ينقذ الدولة من فشلها، ألن يصطف المواطنون أمام هيئات التسجيل ليسبغوا بصفة المواطنة؟

عن الوطنية وفكرة الوطن

الوطنية كذبة صيغت للدفاع عن مؤسسة الدولة. إذا أردنا الاستعانة بسوسور فإننا سنبدأ بمقارنة الكلمات المحيطة بكلمة وطن من حيث المعنى. (إذ أن الكلمة لا معنى لها وتتخذ معانيها من مجاوراتها، راجع سوسور, يتحدث عن ذلك أيضاً وبإسهاب ويليم لامبسون في محاضراته عن النظرية الأدبية في جامعة ييل، متوفرة على يوتيوب مجاناً المحاضرة السابعة والثامنة). الكلمات المحيطة والتي تتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى كلمات  بلد ودولة وأرض. أحد الفروق الواضحة بين كلمة وطن وجاراتها هو القيمة المعنوية والعاطفية التي تحملها. وهذا مهم وفي صلب الموضوع، لأن الفرد يستطيع أن ينتمي لمكان ما، لكن ما حجم هذا المكان؟ هل من الممكن أن ينتمي فرد ما لكل الأردن؟ أو كل روسيا؟ عادةً ما نرتبط عاطفياً مع الأماكن التي نعيش فيها، الحي أو الضاحية أو المدينة التي نسكنها أو الأماكن التي عشنا فيها في طفولتنا وهكذا. لكن هل يمكن الانتماء للأرض الكامنة ما بين مجموعة خطوط على خريطة؟ ماذا عن المكان الذي يبعد ٢ كيلومتر بعد ذلك الخط؟ هل يمكن الانتماء لقطعة أرض بين هذه الخطوط بالرغم من عدم وجود القدرة على العيش فيها كاملة بشكل لحظي؟ لماذا يوجد هذا الشعور ومن يحمل رايته؟ عادةً ما يكون النظام هو من يسوق الشعور الوطني، ولسبب بسيط، لأن هذا الشعور مهم لإبقاء الدولة والنظام. من المهم للنظام غرس فكرتي الانتماء والوطن في مشاعر الناس لأنها تمثل حب للدولة بشكل مؤطر ومتنكر.

لكن السؤال الجوهري في الوطنية، ولأخذ الفكرة إلى حدودها القصوى. لنختر قرية أو مدينة أردنية ما، بشكل عشوائي، بحيث لا ندرك الآن ما هي (الفكرة إسمها "خلف حجاب اللا معرفة" من عمل جون رولز)، وبالتالي يمكن أن تكون مفضلة أو غير مفضلة بشكل شخصي لديك. هل يفضل الفرد الوطني المعيشة في هذه المدينة أو القرية التي لا يعلمها بعد (بالرغم من أنها على تراب الوطن) أم المعيشة في برلين أو باريس؟ (علماً أن كلاهما ممكن في هذه الحالة الإفتراضية) هذه هي الوطنية مأخوذة إلى حدودها القصوى والحقيقية. الأزمة تظهر إذا ما سألنا المواطنين من حولنا. أعتقد جازماً أن الأردن سيخلو من سكانه بإستثناء الطبقة المخملية. وبكل بساطة، مرد هذه النتيجة يساق إلى الفرق في مستوى المعيشة فقط. لذلك، فإن الرقص الماركسي على التحليل الطبقي لا يمكن أن يتهم أحداً باللا وطنية، بل سيقرأ الحالة كاملة بشكل مادي مجرد ودقيق. وعدا ذلك من ربط الوطنية ببطاقات الانتخاب، أو في حب الدولة بين خطوط على خريطة لا يعدو كونه لغواً يود النظام تعميمه. وهو لا يبعد سوى أشبار قليلة عن ربط الوطنية بحب القوات المسلحة أو الشرطة والدرك أو تقديس الأجهزة الأمنية.


Thursday, August 23, 2012

في البدء كانت الكلمة

في البدء كانت الكلمة، والكلمة كانت عند الإنسان، ابن الإنسان، حفيد القردة والأسماك النهرية. واللي مش عاجبه يروح يشرب إيش ما بدو. بدأت هذه المدونة بعد تشجيع صديقتي العزيزة ندى. شكرا لك يا جميلة.

عن كراهية قطر 

كلنا ندرك وبوضوح، ربما مش كلنا، لأن العالم مليء بقليلي الفهم والعقل والشرف والدين، أن دولة قطر العظمى تشكل القطب الأساسي في عالم اليوم التافه وتخط سياساتها الإقتصادية العظيمة بمنأى عن رغبات وتطلعات الشعوب المغلوب على أمرها في الولايات المتحدة وروسيا اليوم . لذلك يرى كثيرون، أو يرى مراقبون، أن من الضروري المبالغة في التعبير الدائم والمزعج والمنفر عن مدى كراهيتهم لهذه الطفرة الهجينة. لماذا؟ قد يبدو للوهلة الأولى أن هذه الكراهية والتعبير عنها صادقان مبرران كون الظاهرة القطرية مقرفة تماما وتمثل تشوه مجرد من أي جمالية، خاصة أن منظر البدوي الذي قفز (للأعلى أو للأسفل) بإتجاه المدنية (بشكل مصطنع نتيجة وجود السم الهاري أسفل مكان وجود خيمته سابقا) وهو يرمي حضارة مصر العظيمة ذات آلاف السنين من العمر بدولارات خضراء بعد أن فركها بأصابع رجليه الرقيقة في أحد بارات بيروت العاهرة هو منظر مقرف بكل المقاييس.

لكن، هنالك أسباب أخرى تكمن وراء المبالغة هذه. مثلا، يرى البعض أن العواء والنهيق الدائم عن قطر هو أحد أشكال الوطنية والقومية كونهم على الأغلب من جماعة يسعد رب رب تعريص أختك يا بشار ويؤمنون بثقة أن بشار إذا ما استل سيفه ليطعن كبد السماء وأرجعه إلى غمده على خصره فإن إسرائيل زالت. وبالتالي فهؤلاء ما كانوا يكيلون الحكمة من أفواههم عن البكتيريا القطرية قبل تململ كبيرهم الذي علمهم الوحدة والحرية والكراهية. فإذا تناولنا حفنة من كارهي حمد، سنجد فيها ما لايقل عن اثنين بالعدد ولا يزيد عن أربعة، من أشباح بشار الأسد.

هنالك أيضا ظاهرة استسهال العواء على شبه القارة القطرية. لأنو على بال مين يلي بترقص بالعتمة. فبدلا من التمحيص في قانون الانتخاب الأردني المشرف، أومساءلة سعي شبه الدولة الأردنية لحجب مواقع العهر والجنس المنفلت من عقاله التي ادمناها منذ نعومة أظفارنا، وبالتالي الانخراط الحقيقي في الشأن العام ومصارعة مافيات الدولة وسحرة ومشعوذين الإخوان، يرى البعض أن من الأسهل تعليق خريطة قطر العظمى والسب ليلا نهارا عليها في عمان- اللويبدة، خاصة أن هذا الحل أكثر نجاعة وعملية، لكنه بحاجة للكثير من الشجاعة والمروءة، فاختاره هؤلاء المقدامين، وساروا في طريق النضال اللغوي ضد قطر، فمنهم من قضى ومنهم من ما قضى، وما بدلوا تبديلا.

حالة أخرى وأخرى مميزة هي مرضى الورم والهرم الماركسي. ومنهم أنواع عدة، لكن بشكل عام، يتميز هذا النوع من المتأخرين والمتخلفين والمعاقين فكريا بقدرة هائلة (كما قدرة قطرعلى على التحكم بالعالم) على تتفيه أي فكرة أو سؤال أو موضوع إلى ثنائية بسيطة من الأبيض والأسود لكن مش رمادي. ويقوم المريض بفعل ذلك مرتكزا على عبارات معقدة ابتلعها من صفراء الكتب التي كانت تعرف محليا في سستينيات موسكو بالأمهات. يقوم هؤلاء بالتعامل مع روسيا كأنها قطب الأقطاب في الكون، ويحاولون بشتى السبل نفي صفات العظمة والكبر والبقاء الأبدي عن قطر والحضارات الجبارة الأخرى في باقي كواكب المجموعات الشمسية المختلفة في الكون. لماذا؟ لأن أحدث ما توصل إليه العقل البشري كان مكتوبا بالتفصيل في أمهات الكتب الصفراء. ويتبع ذلك التعامل مع روسيا العظمى كمدافع عن كرامتنا وشرف العيلة أمام الإمبريالية البائدة الداعمة للكيان الصهيوني الغاشم على تراب حبيبتنا فلسطين.

وأخيرا، هنالك مرتادوا القهاوي القابضون على جمر الأراجيل، ممتصوا النشوة من اقضاب صنعت في الصين، وبكل ما يحمل ذلك من معاني فرويدية، الذين صادقوا أو رفاقوا، لعمقهم، أحد المتخلفين أعلاه، فاعتقدوا جازمين أنهم بشر، ويحق لهم التفوه بمكنونات عقولهم النادرة، فصبوا علمهم علينا بماهية قطر ومؤامرتها.

Blogger templates

About