Monday, December 31, 2012

تأملات فاشية

مخارج مقترحة لتمرير الفاشية 

لا يدعي النص الآتي وجود معنى دفين في الذكاء، أو الحياة بشكل عام، والنص نفسه، ليس متفوقاً ولا يدعي ذلك، ليس إستثنائياً ولا يدعي ذلك، وليس ذو قيمة تذكر ولا يدعي عكس ذلك. لكن علينا أن نجد مخرجاً للغباء المحيط بنا، مخرجاً راديكالياً شاملاً سريعاً ينهي الكم المهول من التخلف والإنحطاط الذي نحاط به يومياً.

أيضاً، إن النقلة بإتجاه الفاشية ليست ذات قيمة سلبية كبيرة، أو ليست ذات قيمة سلبية على الإطلاق، إذ أن مشكلة الصحة والدقة السياسية "political correctness"، باتت تهدد الفكر والتطور الإنساني. وبما أن الحياة مجردة من أي قيمة، فلا بد أن نأخذ الفاشية كخيار وارد في التعامل مع محيطنا.

إختبارات الثانوية العامة: لا يمكن لنا أن نسمح لعديمي الذكاء بروم الأرض أحراراً كما نفعل نحن. ليس من الضروري فهم هذه الجملة في إطار النازية والفصل العنصري، بل بشكل عام، حماية الجنس البشري من مغبات الغباء، والحوادث والتجارب المؤذية التي يتعرض لها الكثيرون بسبب الإختلاط ما بين ذوي القدرة الفكرية والذهنية المحدودة والآخرين. أيضاً، لا يدعي النص أن الإضطهاد هو الحل، لكن، لا بد من إيجاد توليفة تمكن الأفراد من التوجه إلى الأماكن الأكثر مناسبةً لهم، أي إعادة توزيع البشر على الأماكن والأعمال على مستوى عالمي. والتي قد تكون المناجم للبعض، أو القبور للبعض الآخر، أو مراكز تجارب الأدوية (هنالك الأطباء و"المتطوعين" في هذه المراكز)، أو مراكز الرعاية لذوي الإحتياجات الخاصة (معدل ذكاء أقل من ٩٠)، وهكذا.. إن الإيمان الأعمى بتساوي الحيوات البشرية في القيمة لم يأخذ بنا سوى إلى هذه المسخرة التي نعيشها. (إذ أن الحيوات البشرية متساوية في لا قيمتها فقط، لكن من الممكن أن نجعل إستثناءً كي نستطيع تطوير العرق البشري وتجميل الوجود). لذلك، علينا فصل الناس عن بعضهم البعض، وبشكل تدريجي ممنهج، وبأقصى درجات الفاشية الممكنة، كي نصنع للمجتمع البشري نوعاً ما من المعنى والقيمة والخط بإتجاه الإرتقاء. تمثل الإمتحانات العامة، كهيكلية وليس كمضمون، مثلاً جيداً على منهج فحص دوري وشامل لجميع سكان مكان ما. (طبعاً لا يفوتنا أن نتائج إمتحانات الذكاء تضاف إلى البطاقة الشخصية، أو توشم على ظهور الأفراد كي يصعب التخلص منها أو تغييرها). بالتأكيد، ينتج عن ذلك توزيع محدد ومدروس ومحدود للحقوق والواجبات، كالإنتخاب (للبلدية) أو الترشح أو العمل في أشغال معينة وهكذا

المدارس: على الكائنات القذرة الوسخة الصاخبة غير المهذبة، (التي ندعوها إصطلاحاً بالأطفال)، أن تساق إلى مراكز تهذيب وتعليب وتعليم وإختبار وتطوير (فلنسمها إصطلاحاً بالمدارس)، بحيث تكون هذه المراكز بعيدة عن تجمع البالغين ومدارة من قبل القوات المسلحة. من غير المنطقي أن يظل الإنسان البالغ الراشد معرضاً لهذه الكائنات غير القابلة للسيطرة وهي تجوب الشوارع والمدن. تقوم "المدارس" وتحت إشراف مختصين، بتوزيع الأطفال على المساقات الدراسية التي تناسبهم وتناسب قدراتهم الفكرية. تُمنح إدارة هذه المدارس نسبة خسارة تقارب ال-١٠% (ولا تقل عنها كثيراً) من عدد الأطفال الكلي. أي تُمنح الإدارة العسكرية في هذه المراكز القدرة على إعدام ١٠% سنوياً من الكائنات التي تستقبلها في سبيل فرض النظام الصارم والعبرة والإعتبار.

الدين: لا يوجد. يحال المؤمنون بالغيبيات إلى المصحات العقلية.

أساليب المحاسبة: تختلف أساليب المحاسبة ما بين الفئات المختلفة. ففي حين لا يرسل البشر الطبيعيون إلى السجون، يتم إعدام أو تسخير الأغبياء كعبيد في حال تجاوز القانون. أما البشر، فيتم التعامل معهم تبعاً للجريمة المرتكبة ومعدل الذكاء، بحيث يودعون في مراكز الإصلاح والتأهيل (إذ لا وجود لسجون، الغبي يقتل أو يصبح عبداً، والذكي يتم إصلاحه). تعتمد فترات الإصلاح للأذكياء على سرعة الإنجاز والتعلم والعطاء في مقابل الجرم.

الحد من عمر بعض الفئات: من أجل الرفع التدريجي في معدل الذكاء الموجود في المجتمع، يوضع الأغبياء في ظروف معيشية أصعب قليلاً من أولائك القادرين على التفكير. تتمثل هذه الظروف في كميات ونوعيات غذاء ورعاية صحية أقل مناسبةً للإنسان، بحيث يتم خفض أو رفع معدل اعمار الفئات الغبية تبعاً لحاجة السوق من الإيدي العاملة. تبقى هذه الفئات بعيدة عن نظر البشر الطبيعيين ويمنع اختلاطها بهم. أيضاً، من المهم تقليل معدلات عمر هذه الفئات لتقليل نفقات الإعتناء بهم بعد عمر معين.

نظام الحكم: لا يجوز أن يتبع المجتمع قواعد الديمقراطية. لا بد للمجتمع الصحي عدم المس بتاتاً بحقوق وحريات التعبير، إلا أن الطرق المثلى والفضلى في إدارة هذه المزابل لا يمكن أن تؤتى من خلال سماع صوت الأغلبية ذات القدرات المحدودة عقلياً. تمارس قواعد لعبة الديمقراطية من خلال مجلس يضم الفئة الأشد ذكاءً (أعلى ١%) وتتم مراقبته ومراقبة نزعاته من خلال مجلس يضم ال-١٪ التالية على سلم الذكاء. يمثل هذا الحكم الشاغل الأوحد لهذين المجلسين، وتقام إمتحانات إعادة تقييم دورية لهم. عدا ذلك، لا توجد أي ناحية ديمقراطية أو تشاركية في صياغة لغة الشأن العام على الإطلاق

حقوق الإنسان كوثيقة: حقوق الإنسان، كوثيقة، هي وثيقة ساقطة سافلة قاصرة لا ترتقي لتلامس المشاكل الإنسانية كافة، أو حتى في معظمها. (وثيقة تدعو لتوفير الحق في العمل للجميع، وكأن العمل يمكن أن يكون أي شيء سوى الإضطرار لتوفير سبل الحياة، أو وثيقة تدعو للحق في السفر، حلو، أحكي هالحكي للرجل الأبيض!). لكن، وبشكل هذه الوثيقة الساقط والحالي، خاصة في عدم وجود مبادرات عالمية لإعادة صياغتها كاملةً، يمكننا أن نضيف فكرة واحدة لها كي نتمكن من استخدمها بشكل إيجابي (بشرط إعادة تعريف الإنسان تبعاً للقدرة العقلية). الفكرة هي "أولائك الذين يرفضون روح وأفكار هذه الوثيقة، بشكل ضمني أو علني، لا يستحقون أن تطبق عليهم مبادئها". وبالتالي، يمكن، ويجب، تمرير سياسات لإضطهاد الأفراد الذين لا يؤمنون بها، كالبلطجية والأغبياء واللا مهتمين بالكرامة الإنسانية، بأقصى درجات العنف واللا إنسانية. (طبعاً وفي هذه الحال، يعتبر كاتب النص إستثناءً، إذ أن الفكرة تقع على من لا يؤمن بروح الوثيقة، وليس نصها الحرفي، أيضاً، الفكرة تحويل الوثيقة إلى عقد إجتماعي عالمي، وليس البدء بالعمل عليها من شكلها الحالي، بشرط إعادة تعريف الإنسان كما قلنا سابقاً)

.

Sunday, December 30, 2012

معاً من أجل الخلاص

بما أن نمط الحوار حالياً، الذي يخطه النظام الأردني، يأتي على شكل أوراق نقاشية، نطرح لكم التالي للنقاش والحوار من أجل الميلان نحو الخلاص والتهلكة. هذا النص هو الثاني بعد "دعوة مقترحة لوثيقة ما قبل تأسيسية لأغراض الهدم والتفكيك" التي نشرناها على هذه المدونة العظيمة في الثاني من أكتوبر هذه السنة.

كبداية، لا بد من إعادة تعريف الخلاص والتهلكة كي يتمكن النص من الاستمرار. في الحقيقة، لا بد من إحداث ازاحة في هذين المفهومين، وليس إعادة تعريفهما تماماً.

أولاً، الخلاص والهلاك (salvation and annihilation):

قامت الكنيسة العاهرة بربط مفهوم الخلاص بشخص، الله، المسيح، القديس، وروجت في أنحاء المعمورة جمعاء، أن الخلاص يأتي من أحدٍ ما ولا يكفي العمل وحده لتحقيقه (إتهام الكنيسة بالعهر ليس إنتقاصاً من الكنيسة كبناء أو مؤسسة، بل شتيمة تقع على كامل صفوف المؤمنين والقساوسة والنص والعقل والتاريخ الذي يحكمها). وكأن قول الكنيسة هو أن البشرية كاملةً لا تستطيع الخلاص بنفسها، بل بحاجة، بغض النظر عما تفعله، إلى تدخل إلهي بطولي على شكل المسيح، الذي يضحي من أجل خلاص بني زفت بني آدم. على كل، وبمعزل عن مؤسسات الدين الساقطة، علينا أن نتذكر أن البشرية كانت وما زالت تحاول الخلاص بنفسها من هذه المهزلة بكل الطرق الواردة، من الفيزياء إلى الغيبيات، كله بلا نتائج أو فائدة ترجى.

قام الجنس البشري بمحاولات لا تعد ولا تحصى للخلاص، يمكننا فعلياً أن نرى تاريخ الإنسانية من ثورات وأديان ونصوص ولوحات ورسومات وغناء وتقدم وعلم على شكل محاولات لا تهدأ ولا تكل من أجل الخروج بالإنسان من التهلكة. فعلياً، تصعب رؤية نصوص كالقوانين والتعليمات والأنظمة والدساتير والإجتهادات سوى كمحاولات بائسة ساقطة قاصرة للنجاة بالإنسان من ميمعة الوجود (تعميم فكرة أن الوجود ميمعة وليس وجوداً أو أثراً أو كياناً ثابتاً أو متغيراً قابلاً للفهم والتحليل والتفسير). لكن أثبت التاريخ والوجود أن هذه المحولات لا تستطيع أن تقدم لنا ما تعده من الأفضل، الغد، الخلاص. تتعدد الأسباب التي تفرض هذا الفشل، فهي تتنوع وتتعلق بسقوط اللغة، وسقوط الإنسان، وتتدرج نحو سخافة وتافهة ومهزلة الوجود وفخ الحياة.

بالتالي، علينا كي نوقف هذه السقطات المتوالية والمتتالية، أن نبدأ بالتفكير بطريقة مختلفة. الخلاص، ليس أن تتحسن شروط هذا الوجود التافه، أو أن نجد معنى ما فائق أو عابر "transcendental" للوجود. بالعكس تماماً، إن ما سوقته الكنيسة العاهرة والفلسفة الساقطة من "هلاك" هو فعلياً الخلاص الوحيد الممكن. إن شرط فوز الإنسان في لعبة الوجود وخروجه من فخ الحياة هو فعلياً ما كان الإنسان الأعمى يحاول الخلاص منه طوال هذا التاريخ الممل والمقرف. إن الخلاص الوحيد الممكن الذي يجب علينا البدء بالترويج له هو "التهلكة الشاملة" للوجود البشري كاملاً بلا إستثناء (طبعاً عدم وجود استثناء لا يعني عدم وجود أولويات). إن التهلكة الحقيقية التي يواجهها الانسان كفرد، والمجتمع ككل، هي البقاء في هذه اللعبة. التهلكة هي فعلياً الموت البطيء الذي نتعرض له يومياً بحكم التنفس (الشيخوخة والترهل والموت سببه فعلياً الحياة، إن الأكسجين الذي نتنفسه هو ما يسبب الأكسدة البطيئة لأجسامنا وبالتالي الموت). التهلكة هي خيبة الأمل المستمرة في حياة الفرد والمجتمع، خيبة الأمل بالدين والقانون والدولة والحداثة والوجود، (يمكننا، أن نعتبر إن الصفة السائدة والثابتة للحياة هي أنها مخيبة للأمل، وأنها أقل قليلاً مما يمكن لها أن تكون).

أخيراً، ولكي نختم هذه الفكرة، علينا أن نصل إلى النتيجة التالية، الهلاك الشامل الكامل لهذه البشرية، وتحديداً محيطنا العربي، هو فرصة الخلاص الوحيدة الممكنة لنا جميعاً، كأفراد، وشلل ومجتمعات وشبه حضارة. الخلاص الفردي والجماعي هو الهلاك بأي طريقة ممكنة على صعيد شامل وكبير. أيضاً، وبعكس الخلاص التي روجت له الأديان والثقافة الإستهلاكية، لا يأتي الخلاص من خلال المخلص، بل من خلال مجموعة كبيرة من الفاعلين القائمين على الهدم والتفكيك والتدمير والإزاحة بإتجاه الحرق والموت والنهاية السعيدة الكبرى لهذه المهزلة. إن النهاية الكبرى التي ندعو لها، بحاجة إلى كتاب ورسامين ومخططين، غرف عمل وعمليات، فرق، تنسيق، تشتيت وهلم جرى.

ثانياً: محلياً:

يعني أثبت التاريخ العربي والإسلامي المعاصر، أننا أمة لا تستحق أن تمتلك من خيارها شيئاً، أننا غير قادرون على تبني التوليفة الديمقراطية، أننا، ولا سمح الله، إذا ما بلينا بالديمقراطية فإننا نختار الظلاميين والهمج والمتخلفين. أثبت التاريخ أن أفضل القيادات العربية، هي قيادات تافهة غير قادرة على بناء، أو عرقلة هدم، الدولة الحديثة، أن القيادات اللامعة والذكية التي ننتجها هي قيادات عادةً ما تكون عميلة أو متواطئة أو مصابة بجنون البعث والعظمة، أثبت التاريخ ووثق أننا لا نستحق ما نطمح إليه و.

وكما وضح قليل الحيا والشرف، إبراهيم الجمزاوي، أحد الأفراد الأساسيين في بؤرة حرق الأمة، "بدنا كمان دعوة بس تكون صادقة وجدية هالمرة لانتهاء الكون... أو سنقوم فعليا بحرق الامة..". وهذا الكلام دقيق:

أولاً، قامت الثقافة الإستهلاكية، بشكل واعي أو غير واعي، بتضخيم وتهويل وشرذمة الأمل المتعلق بإنتهاء الكون. وبدلاً من إتخاذ نبؤات نوستراداموس أو رزنامة المايا كمرجعية ثقافية وفكرية لسناريوهات إنتهاء المهزلة والوجود، وبالتالي الخلاص الفردي والجماعي النهائي والأبدي، قامت ثقافة رعاة البقر بتحويل هذه المرجعية إلى مجرد أعمال بصرية سينمائية، تطرح أن فكرة إنتهاء الكون هي التهلكة، وأن البطل الذي يود أن يشارك احداهن السرير، سيقوم بإنقاذ العالم من هذه النهاية. (علينا أن نعيد فهم وقراءة هذه الأعمال بالعكس، أي أن البطل الذي نجا بالعالم من التهلكة، هو فعليا الشرير الذي قام، مقابل الجنس أو الحب، بمحاربة الأمل بالخلاص، إنتهاء الكون أو التهلكة، ونجح في النهاية بإبقاء البشرية في معاناتها الحالية مع ثقل الوجود وتافهة الحياة في مقابل جنسي أو مادي أو معنوي ما - إن إعادة فهم أعمال هوليوود بهذه الطريقة تجعل من الولايات المتحدة أكبر منتج ومصدر للأعمال الدرامية الحزينة والسوداوية في العالم). لكن، المشكلة في هذه الأعمال هي أنها تتعامل مع الموضوع بنفس النفس الكنسي القديم، إذ ظلت نهاية العالم هي الأمر الخارج عن المألوف، ظل المخلص هو الفرد الواحد الجيد الخير الذي يستطيع إيقاف نهاية العالم، ظل الحب والمال مكافأة للفرد الذي يبلي البشر بإستمرار المهزلة.

لم ولن تقوم الثقافة الإستهلاكية بمساعدتنا على الخلاص، إذ أنها، وكأي نظام، تسعى بشكل أعمى للإبقاء على نفسها. وإذا ما أردنا الخروج من هذه الدائرة المفرغة، علينا أن نبدأ العمل والتفكير في السيناريوهات الآتية، التي لا تشكل بديلاً عن بعضها البعض، بل خطوات متلاحقة:

تعميم الفشل كنجاح، الإحتلال الإسرائيلي أنموذجاً: وكما قال خليل خوري العظيم "للي راح على الضفة الغربيه بعرف انها بتخزي، شوارع مافي.. لدرجة إن الواحد ما بصدق يرجع عالاردن إلي يا ريت برضو تنضم لاسرئيل عن قريب إن الله راد". هذا مثال جيد على تعميم صورة أخرى ومختلفة عن ما نسميه إصطلاحاً بالفشل والنجاح. إن القيام الممنهج والمستمر والمخطط والواعي بتعميم فكرة الإنهزام وفقدان الأمل والتهلكة وتشجيع روح الإنسحاب والتراجع هو من أساسيات مكافحة ثقافتي الإستهلاك وموطني على السواء 

حرق الأمة: وعلى هذا المشروع الخروج سريعاً من دائرة السخافة والتنكيت والتخويت. هذا مشروع يمكن له أن يرى النور، وقوامه العمل الجاد والمستمر بنفس طويل من أجل التخريب والتفكيك والهدم والحرق والموت لنا جميعاً من خلال جلد الذات ورفض الأفضل والمستقبل. هذا عمل بحاجة إلى مقاتلين وحزب وبؤر وهو سيناريو علينا، إن لم نؤمن به، أن نقوم بتحليله وفهمه بعمق. هذا هو أقرب ما لدينا من أجل الخلاص من خلال العمل الجاد والدؤوب والواعي للخروج من الميمعة والمسخرة
نتمنى منكم المشاركة بأفكاركم، لعل وعسى يعني

Monday, December 24, 2012

عن الإنتخابات






بدأت سنح المرشحين بالظهور علينا، بدأ السفاح على حساب الشعب الأردني والتسابق على تقسيم كعكة البرلمان، والشعب الأردني، وما أدراك ما الشعب الأردني، يسف ما يسف من تراب بعد بيع أملاكه وأحلامه، وقريباً مدخراته وروحه.

القانون الحاكم لهذه الإنتخابات، سيفرز برلماناً يصعب تمييزه عن البرلمان السابق، ولن يقوم هذا البرلمان بأفضل من سابقه، بل على العكس، سيكون أقذر وأوسخ وأحقر، إذ أن مجلس التعريص هذا مبني على نفس أسس البرلمان السابق، بنفس الروح، ونفس القانون، ونفس النهج الذي تتبعه الدولة في إسكات من يغرد، داخل السرب أو خارجه، تحت الطاولة أو فوق النخل، أو وين ما كان.

أليس من الكافي تماماً، أن نتذكر أن العرس الديمقراطي هذا يقام في أعقاب حفلات السجن والتكميم، حبس المئات من الشباب، وتحويل عشرات منهم إلى محكمة أمن الزفت، حيث يمثل أطفال أمام ضباط المخابرات خوفاً على النظام منهم. هذا العرس الديمقراطي، بكل ما فيه من سفاح، يقام بعد تكسير عظام المشاركين في مظاهرات الإحتجاج على رفع الأسعار، هذه الديمقراطية التي ستمرغ أنوفنا بها لسنوات ستأتي.

للتذكير فقط، فإن البرلمان السابق، الذي يسعى النظام الآن إلى إنتاج ما هو أقذر منه، برلمان البلطجة وقانون تقييد الحرية والإنترنت، البرلمان الذي يصرخ بالشباب والشابات "ممعوطين الذنب" وسكرجية وحشاشين، هو برلمان أغلق ملفات الفساد، برلمان قام أفضل أعضائه بطلب الوجبات السريعة إلى جلسات إقرار التعديلات الدستورية، برلمان مرر قانون المالكين والمستأجرين الذي سيضع معظمنا في الشوارع، برلمان الفوتيك العسكري، برلمان الإمتثال لأوامر المخابرات على الهواتف النقالة خلال جلسات الديمقراطية تحت قبة السفاح. هذا هو البرلمان الذي يجب أن نتوقعه. لا أكثر ولا أقل. 

للتذكير أيضاً، هذه الديمقراطية المنتصبة تحت قبة بيع الإنسان والتقاعدات مدى الحياة، هي نفسها التي ستأتي علينا، بشكل ديمقراطي، بالمزيد من الإمتثال لأوامر الرجل الأبيض في ما يتعلق بالمزيد من رفع الدعم والأسعار. ستقوم هذه الديمقراطية بالتغطية المنهجية على الفاسد، مهما كان يسارياً، ستقوم هذه الديمقراطية، لأنها كما مجلس العهر الذي سبقها، بالرد على تلفون الجماعة خلال الجلسات، للتأكد من التوجه العام لرأي الشعب ومصالحه.

يقوم النظام الآن بتمويل كذا حملة إنتخابية، ستظهر علينا بكل ما أوتيت من معارضة وصوت عالٍ، (الحديث هنا عن قائمة ناهض حتر، التي طلب ناهض لها مليون دينار من الديوان الملكي، بحسب تأكيدات من حضروا لقائه مع اليساري الأول، حفيد الرسول). أمن المفروض أن يكون هؤلاء هم المدافعون عن مصالح الناس؟ أهؤلاء محط الثقة والصوت؟ انتبهوا يا شعب حمار عمرو ما راح يفهم.

على كل، يكفي أخذ نظرة على الأشكال والسنح التي غزت الشوارع والبصر في اليومين السابقين، نفس الوجوه، بنفس الإبتسامات الصفراء، نفس الستايل، نفس القرف والتقيؤ، نفس الشعارات (إذ وبالرغم من مرور كل ما مر علينا، ارتأى كثير من المرشحين النزول بنفس الشعارات والصور والابتسامات، وكأننا لا نتذكر، وكأننا لا نعرف، وكأننا همج، قد نكون همج فعلاً)، نفس الشرمطة والعهر، ماذا تتوقع من من يستطيع ضميره التكيف مع هكذا إنتخابات؟ (أحد المرشحين، يظهر وجهه علينا قائلاً "بدنا حقنا"، حلو يابا، من مين بدنا حقنا؟ ولا هيك بس، بدنا حقنا، أمة بدها حرق صحيح)

البرلمان لهؤلاء مكسب، تقاعد، إستثمار، علاقات، وجاهة، أي شيء، لكن ليس حرية ولا ديمقراطية ولا زفت. قاطعوا الإنتخابات يا محترمين. شوهوا هذا السفاح.

Saturday, December 22, 2012

الانتخابات

يما شو راح يصير في شغل على المدونة بسبب الانتخابات، ترقبوا،،، يعني قائمة ناهض حتر لحالها شغل مدونة، والباقي    مدونة ثانية، نتمنى أن نكون عند حسن تعريص ظنكم في الفترة القادمة، يا ريت تشاركونا اقتراحاتكم

Thursday, December 20, 2012

ألف باء أزمة الإنسان



لا يدّعي هذا النص أن ما يحتويه من أفكار هي أفكار جديدة.

الموت: إن حتمية الموت تشكل بطريقة ما المعضلة الإنسانية الأولى. هذه الحتمية تولّد إضطراباً نفسياً هائلاً لأنها ببساطة مكمن الفخ الذي يُوقع الإنسان به بلا قدرة على الرفض أو الإختيار (أي الحياة كفخ، إذ لا نملك الخيار في الولادة، ولا يمكن سؤالنا عن الرغبة فيها قبل البدء في اللعب). إن لعبة الحياة لعبة خاسرة منذ الأزل، إذ أن النتيجة الوحيدة الممكنة لها هي الموت. هذا يعني، أن لعبة الحياة ليست في الحقيقة لعبة، بل فخ قذر لا يمكن تجاوزه أو القفز عنه. وفي حين أن الحياة تفقد كامل معناها وبشكل مطلق إذا ما كانت أبدية (إن كم التراجيدية التي قد تنتج عن خلود الإنسان مرعب، إذ تفقد الحياة صفة الآنية والعفوية، وتصبح لعبة مملة لا تنتهي أبداً ولا يمكن الخروج منها ولا إنهاءها. فعلياً، إن خلود الإنسان قد يكون السيناريو الوحيد الأشد قذارةً من حتمية الموت). المهم، فإن حتمية الموت تُفقد أي إنجاز (أو مجهود أو أثر يتركه الإنسان على الكوكب) معناه تماماً بعد الموت. لا يهم إذا ما ذُكر الإنسان لاحقاً بالخير أو الشر، أو إذا ما تمكّن من مساعدة الأخرين أم لا بعد الموت، إذ أنه غير موجود حينها. وحتى لو كان ذلك يشكل نوعاً ما من المعنى، فإن حتمية الموت لدى الآخرين تفقده هذا المعنى. (إذ لا فرق شاسع بين عمل أو أثر إيجابي لحظي أو مستمر لفترة ما تتجاوز اللحظي قليلاً، فلو تمكّن الإنسان من ترك شيء "إيجابي" بعد موته، فإن هذا الأثرلا يفوق في طوله، بشكل نسبي وبالمقارنة مع عمر الأشياء، لحظة واحدة، أي أنه قليل المعنى ومؤقت وغير مهم). النتيجة الطبيعية لهذه الأزمة هو أن كل عمل وحزن وكره وحب وكلمة وأثر ونبضة قلب محتومة بالفشل الذريع أو على أقل تقدير النهاية المعروفة سلفاً، وكأن هنالك إشكالاً منطقياً في كون البشرية ما زالت تلعب هذه اللعبة بلا توقف ولا تريث ولا نظرة عن بعد.

من هنا، يسهل فهم الجنة والنار والآخرة. إذ أن هذا السيناريو هو الوحيد الممكن لحل المصيبة هذه، سيناريو يترك حل الأبدية لتكون في جنان لا تتوقف عن إدهاشنا أبداً، ويتفّه الدنيا ليجعلها مجرد إمتحان يمكن النجاح فيه. لكن بما أن الإنسان العاقل والتفكير المنطقي يقودان حصراً إلى الإلحاد، فإن السيناريو الديني لا يعدو كونه مجرد إضاءة على عالم المشكلة الإنسانية. سيناريو يُظهر بوضوح ما نود أن تكون الحقيقة. لكن لا يا حبيبي!

قد يكون المخرج الوحيد غير المنتصر، لكن المتعادل والمشرّف، من هذا الفخ هو الإنتحار. إذ هو ليس فقط قبول علني بالنتيجة التي تطرحها اللعبة بدون إستشارة، وكأننا يجب أن نحاول تغييرها، لكنه وفي نفس الوقت أيضاً، رفض علني للتقدمة أو الإغراء أو الهدف أو الهدية التي يجب أن نتعلق بها كضحايا هذا الفخ (الحياة كشيء ذو قيمة إيجابية). لكن، تكمن الكوميديا السوداء، في أن الطبيعة والحياة، زرعت في كل خلية من خلايا أجسادنا الهالكة جينات تفرض علينا غريزة البقاء، وغرست هذه الغريزة في مستوى أعمق من الوعي البشري، بل غُرست في أعماق أعماق رغباتنا وتكويننا. (رجل يمشي بهدوء في الشارع، متوجهاً إلى عمارة شاهقة الإرتفاع كي يرمي بنفسه من عليها. فيما هو متوجه نحو موته المقرر، تكاد سيارة مسرعة أن تصدمه، بدون تفكير، يقفز الرجل بعيداً عن السيارة التي فاجأته لينجو بحياته، وكأنه قط، بالرغم من أنه كان متوجهاً للموت أصلاً). وكأن الطبيعة أو الحياة، لن تترك لضعاف القلوب والنفوس والعقول فرصة الفوز أو التعادل معها، على من يريد الخروج منتصراً أو متعادلاً مع الحياة أن يتغلب على غريزة تم زرعها في كل خلية يحتويها جسمه.

الوقت: أزمة الوقت تكمن في ناحيتين. الإيقاع الثابت: لا يمكن للإنسان، مهما بلغت الظروف شدة أو قسوة أو سرعة، التحكم أو التأثير على سرعة مرور الوقت (بإستثناء السفر بسرعة عالية تقارب سرعة الضوء، لكن هذا بلا جدوى، إذ لا يتمكن معظمنا من فعل ذلك، ولأن مرور الزمن على الفرد نفسه يبقى ثابتاً، ولا تتأثر سرعة مرور الزمن عليه إلا بشكل نسبي بالمقارنة مع الأخرين ذوي السرعة المختلفة، بالتالي فإن هذه النقطة بلا أهمية على الإطلاق). أي أن الإنسان، وفي معظم حياته، يواجه إيقاعاً رتيباً مملاً من الحياة لا يمكن له أن يعدّل عليه شيئاً مهما رغب. الفرق بين الإنسان المسجون لمدة ٤٠ أو ٥٠ عاماً ولا يستطيع التأثير على سرعة مرور الزمن عليه من جهة، والإنسان المسجون في هذه الحياة لمدة مشابهة دون قدرة على التأثير على سرعة أو بطء مرور الزمن عليه من جهة أخرى، غير موجود (عداء في سباق وإنسان على عجل في حياته من أجل توفير الحياة الكريمة لأبنائه، أيضاً لا فرق، الزمن لا يكترث). أيضاً، إيقاع الزمن لا يكترث بمدى فرحتنا بقضاء الوقت مع حبيب أو عدو أو حاجتنا لمدة دقيقة واحدة من التوقف للتفكير في ظل كارثة ما أو حاجتنا لمرور الوقت أسرع قليلاً لتخفيف الشعور بالعذاب أو الوجع أو الوحدة. إيقاع رتيب ثابت بطيء/سريع/ عادي لا يكترث ولا يشعر ولا قدرة لنا عليه، يأخذنا بخطوات ثابتة إلى الموت دون أدنى قدرة لديه على رؤية حاجاتنا ومخاوفنا ومشاعرنا ودون أدنى قدرة لدينا للتأثير عليه.

المشكلة الثانية هي الإتجاه الثابت: أي لا يمكن لنا العودة عن ما نود العودة عنه، ولا يمكن لنا معرفة نتائج أفعالنا سلفاً. وهذه ليست مشكلة بحد ذاتها، لكنها كارثة إذا ما أخذنا بعين الإعتبار المحاولة الدائمة لفعل الشيء الأخلاقي والصحيح. إن ما يقدمه لنا الوجود، هو القدرة على إدراك كم قليل جداً من المعلومات، وإحساس ما أخلاقي. وفي ظل هذه المعلومات القليلة، وفي ظل وجود النجاح والفشل والضمير، يُهيء لنا أننا نستطيع، أو نود، فعل الشيء الصحيح، وهذا غير ممكن، خاصةً أن لا مجال لنا للعودة في الزمن لإصلاح أخطائنا التي نود أن نصلحها. وكأنه لا يمكن لنا أن نكون من نحن عليه تماماً (من الناحية الأخلاقية ومن ناحية الندم) في ظل عدم قدرتنا على العودة بالزمن لتدارك أخطائنا. 

وقد حاول الإنسان، المثير للشفقة، الخروج من هذه المصيبة من خلال مفاهيم الأشباح، قراءة الطالع، التنبؤ، التوقع، التعلم من أخطاء الأخرين، وهكذا.. لكن على الفاضي يابا. هذه أزمة لا خروج منها.


الوحدة/الإنعزال: لا يستطيع الإنسان، مهما أراد، أن يكون متحداً مع أي شيء آخر، لا يمكن للإنسان إلا أن يكون وحيداً ككيان محصور داخل الجلد. وفي نفس الوقت، تطور الإنسان بحيث أصبح كائناً إجتماعياً. لا يستطيع الإنسان أن يكون "واحداً" مع من يحب، مع ما يحب، مع فكرة، مع أي شيء. وبالتالي، فإن الوحدة المصاحبة لهذا الوجود الثقيل تكاد تكون غير محتملة. إذ وبالرغم من أننا قد نأكل أو ننام أو نضحك أو نحزن بمصاحبة آخرين، إلا أننا نفعل ذلك بالقرب منهم، ولا نختبر أي شعور على الإطلاق "معهم"، بنفس التفاصيل والشدة والشعور، وبالتالي، فإننا مهما فعلنا سنبقى وحيدين معزولين في عالم جاف بارد مجرد من المعنى.

وفي حين كان الحب محاولة أخرى للإنسان كي يخرج من هذا الشعور، إذ أن الممارسة الجنسية، والولادة، هي أقرب ما نستطيع خوضه في مجال الإتحاد مع الآخر، إلا أن الموت والبرد الوجودي لا يأبه بما نود أن نعتقد أنه يمثل شيئاً ما. إذ يظل الموت إنتقائياً متفرداً، ولا تختفي مهما حاولنا عدم القدرة على إختبار نفس الأشياء مع أشخاص آخرين. القاتل هنا هو عندما نبدأ بجمع هذه التفاصيل والأفكار مع ما سبقها، ومع ما يليها.

الحرية: يمنح الوجود شعوراً أو سراباً واهياً ما من الإحساس بالحرية. وكأن لدى الإنسان القدرة على فعل ما يشاء، أو بعض ما يشاء، وتغيير ظروفه ومصيره ومستقبله، أو رسمها، كما يريد. لكن هذه كذبة خالية تماماً من الحقيقة. الواقع أننا لا نتحكم إلا بالقليل القليل من تفاصيل حياتنا غير المهمة، كطبخ الفاصولياء أو البامية. لكن عدا ذلك، فإن جنسيتنا، الدين الذي نولد فيه، التعليم الذي يتاح لنا، ذكائنا، إحتمالية إصابتنا بالسرطان، ميولنا الجنسية، شكلنا، طبيعة أجسامنا، الوضع المادي لأسرنا (والذي يؤثر كثيراً على ما يلي في حياتنا)، وشخصيات أهلنا، والكثير الكثير هي كلها أشياء لا نمتلك أدنى قدرة على تحديدها أو تغييرها أو دفعها بإتجاه ما.

أيضاً، كل ما يبدو لنا أنه من ضمن ما نستطيع إختياره، يقع فعلياً في تكوين شخصيتنا، التي لا نكوّنها كما نريد. أي ان كل ما نفعله وكل ما نحن عليه هو النتيجة الواضحة لما تعرضنا له من أحداث في حياتنا. ليس لدى الإنسان القدرة على الخروج من تكوينه، لذا، فإن كل قرار نتخذه هو محصلة للكثير الكثير من التجارب والأحداث والدروس والعبر والظروف التي تعرضنا لها، وفي مجملها هي أشياء طبخت معاً في داخلنا كي نصبح كما نحن عليه، وهي كلها أشياء لم يكن لنا أدنى نوع من السيطرة عليها. نحن كبشر نمثل حوامل لهذه الأحداث والظروف والعوامل، لا شيء آخر. إن أثرنا فيها، مهما بدا لنا أننا نحدده، ما هو إلا نتاج شخصية كوّنها الوجود فينا، ولا نكوّنها فيه

الذاكرة: أولاً، النسيان كقدرة غير قابلة للتحكم: تعمل الذاكرة بدون سلطة مباشرة للوعي عليها. وبالتالي، وفي هذه الحياة الغريبة، لا نستطيع أن ننسى ما نود بشدة أن ننساه، ولا نستطيع أن نتذكر التفاصيل التي نود تذكرها. الأسوأ، أن الذاكرة ترتب الذكريات كما تشاء، ولا تنقلها لنا بشكل دقيق، وبالتالي تقصّر الفترة الزمنية التي نود لها أن تكون طويلة، وتطيل فترة زمنية تحمل الكثير من الألم، ننسى وجوه أناس نود تذكرها، نتذكر وجه بلطجي، كلها أشياء لا قدرة لنا عليها. وهذه الذاكرة التي ترتب وتتذكر وتكذب وتلفق وتنسى كما تشاء، هي التي تشكل جزءًا كبيراً من ما نحن عليه في كل لحظة. ثانياً، إستمرار الذاكرة في تخزين وإسترجاع الأحداث والناس والأشياء، يجعلنا شخصاً مختلفاً بعض الشيء في كل لحظة. وكأن الوجود ينكر علينا أن نكون كما نكون لفترة ما، بل العكس، تتابع الذاكرة عملها بلا تلكؤ ولا هوادة جاعلةً منا شخصاً مختلفاً في كل لحظة، بالكاد نستطيع نحن التعرف عليه.

روح يابا.


.

Wednesday, December 19, 2012

Quotes from the film "love and death"


Quotes from "love and death" by Woody Allen:

" To love is to suffer. To avoid suffering one must not love. But then one suffers from not loving. Therefore, to love is to suffer; not to love is to suffer; to suffer is to suffer. To be happy is to love. To be happy, then, is to suffer, but suffering makes one unhappy. Therefore, to be unhappy, one must  love or love to suffer or suffer from too much happiness. I hope you’re getting this down"

and another one, my favorite:

"The question is: have I learned anything about life? Only that... only that human beings are divided into mind and body. The mind embraces all the nobler aspirations, like poetry and philosophy, but the body has all the fun. The important thing, I think, is not to be bitter. You know, if it turns out that there IS a God, I don't think that He's evil. I think that the worst you can say about Him is that, basically, He's an underachiever. After all, you know, there are worse things in life than death. I mean, if you've ever spent an evening with an insurance salesman, you know exactly what I mean. The key here, I think, is to... to not think of death as an end, but think of it more as a very effective way of cutting down on your expenses. Regarding love, heh, you know, what can you say? It's not the quantity of your sexual relations that count. It's the quality. On the other hand, if the quantity drops below once every eight months, I would definitely look into it. Well, that's about it for me folks. Goodbye."


"I know, but murder, the most foul of all crimes. And not just abstract murder like shooting an unknown enemy on the battlefield, but standing in a closed room with a live human being and pulling the trigger, face to face. And a famous human being, a successful one, one who earns more than I do... My God, you figure Napoleon has gotta be good for 10,000 francs a week... That's minimum. That's without tips or extras. Nothing like that. And me, what am I? He's a great man. He thinks like the superman, and I'm just a worm, an insect... some kind of crawling, disgusting, creeping little vermin!"

"How I got into this predicament I'll never know. Absolutely incredible. To be executed for a crime I never committed. Of course, isn't all mankind in the same boat? Isn't all mankind ultimately executed for a crime it never committed? The difference is that all men go eventually, but I go six o'clock tomorrow morning. I was supposed to go at five o'clock but I have a smart lawyer. Got leniency. "

Thursday, December 13, 2012

عن اللقاءات








إن كماً مهولاً ومخيفاً من الامتعاض يستشري الآن في ما بين قطاعات الشباب والشابات الحراكيين والناشطين، وحتى المهتمين من على بعد مسافة، فيما يتعلق باللقاءات التي عقدها المسؤول الأردني الأول، واليساري الأول، مع جموع السياسيين المعارضين في منازل جموع السياسيين الآخرين، والتي تطرقت، على ما يبدو، إلى عدة مواضيع، على ما يبدو غاية في الخطورة، كدسترة فك الإرتباط، إذ لا يستطع ناهض حتر السعال بدون هذا الذكر، ومواضيع أتفه من ذلك بكثير، على ما يبدو، كالحلول الأمنية وما يصاحبها من أشياء وإنتهاك لحقوق الإنسان وما شابه.

على كل، هذا الإجتماع، أو هذه السلسلة من الإجتماعات، لا تحمل في داخلها أي قيمة سلبية على الإطلاق، إلا للسياسيين الذين حضروها. علينا كناشطين أو مهتمين، أو أناس عاديين، أن نتذكر أن لا سياسي أردني يستطيع التخلف عن هكذا لقاء أو الإعتذار عن هكذا حوار. السبب في ذلك لا يمت بصلة إلى طبيعة الكوربة التاريخية التي تمر بها البلد، ولا يتعلق بالحرص الدفين على أولوية الحوار والحل الإيجابي لأزمات الدولة والنظام والشعب. السبب هو أن رفض هكذا لقاء أو دعوة يعتبر إنتحاراً سياسياً من الدرجة الأولى، إذ أن الأردن كنظام، يضع كل القوة والثقل والوزن والأهمية السياسية بين يدي رأس الهرم، وليس بين الأيادي القابضة على المعول أو ماكينة النسيج أو الجمر أو الكيبورد. وبالتالي، فإن عدم تلبية دعوة جلالة الملك، حفيد الرسول، غير قابلة للتطبيق من قبل رموز المعارضة.

إن أنتجت هذه اللقاءت شيئاً، فهو، على المدى القصير، كسر ما تبقى من ثقة ما بين هؤلاء الشباب والقيادات السياسية. إذا كانت الحوارات التي تبعت أحدث ال-١٩٨٩ قد علّبت المعارضة من خلال القوانين والتراخيص والتعليمات، فإن هذه الحوارات الحالية، ستقوم بعزل السياسيين عن الناشطين فيما يمثل ضربة جديدة وتاريخية للمعارضة الأردنية، خاصة أن هذا اللقاء حدث وكأن لا وجود لمئة معتقل رأي في سجون التكميم والتقييد والتعذيب والتنكيل. إن ما قد يبدو للسياسيين في هذه الحوارات كلقاءات سياسية بحتة، تمثل عمق العمل السياسي ومعناه، تُقرأ لدى الشباب كمجرد قفز إلى المعسكر الآخر. لكن، السؤال السحري، لماذا؟ خاصة أن هذا اللقاء، وبمعزل عن قيمته كجلسة، لا يحمل في داخله أي قيمة إيجابية دفينة وملموسة. إذاً لماذا كل هذا الامتعاض؟

الأزمة كانت، ومن الواضح أنها ما زالت، مرتبطة بالطريقة التي تسوى بها الأمور. أنا شخصياً، لدي كم هائل جداً من الثقة بشخصيات سياسية كخالد كلالده وخالد رمضان (بالإسم، وتحديداً، وبدون نسيان). ومن الصعب على مجرد لقاء كهذا أن يهز ثقتي بأي شخص مهما منما كان. يعني لن يتأثر إنعدام ثقتي المطلق بطرح ناهض حتر سلباً أو إيجاباً لأنني علمت بهذا اللقاء. الأزمة أن التواصل العميق والمطول قبل وبعد هذه الإجتماعات لم يحدث مع جموع الشباب. المفروض أن تتم سلسلة من اللقاءات مع أكبر عدد من الشباب، من الحركة(ات) والتيار(ات) والآخرين المستقلين، حتى وتحديداً أولئك المستقلين الذين يقعون على مسافة من هذه الشخصيات، (لا أعلم إن حدثت، ولماذا لم تتم دعوة معظمنا لها).

ومن البديهي الإستغراب كيف أن لسياسيين مخضرمين، أن تغفلهم هذه الخطوة. يذكرني ذلك بالحال التعيس الذي يعاني منه شباب وليد جنبلاط في لبنان، إذ يعلمون بالخطوة السياسية والموقف الرسمي لقبيلتهم بعد حدوثه. هنا تكمن المشكلة. المشكلة ليست بلقاء، إذ وبالنسبة لي لا يتجاوز هذا اللقاء في أهميته أي لقاء آخر يحدث الآن على وجه المعمورة.

هنالك ملاحظات أخرى لا بد من ذكرها. مثلاً، علينا كقرّاء التساؤل عن القيمة الصحفية التي يحملها فهد الخيطان اليوم. يبدو أننا نتحدث، فيما يتعلق بنصوص فهد الخيطان عن هذه الإجتماعات، عن نصوص تسويقية. هذه النصوص، فيما عدا التسويق، لا تحمل في داخلها أي نوع من أنواع المساءلة أو التحليل أو التأمل في هذه الإجتماعات. حتى أن أحد النصوص يحاول، بطريقة مثيرة للتعاطف والخجل والتخجيل، طرح فكرة أن وجود الأحزاب السياسية غير مهم تحت قبة البرلمان، وأن كل من يصوت بعدم منح الثقة للحكومة هو في مكان المعارض. هذا يعطي إنطباعاً قوياً عن المدى البعيد الذي من الممكن للكاتب أن يذهب إليه من أجل الإستمرار بالنهج التسويقي الذي يملى عليه.

النص الذي كتبه ناهض حتر أيضاً يجب أن يتعرض للتمحيص. إذ من ضمن الخمسة رسائل التي تبرع بنقلها لنا كمواطنين وقرّاء، وقع موضوع المعتقلين في المرتبة الخامسة، فيما كان عدم التورط بمعركة المحاور السنية والشيعية في إحدى المراتب السابقة، إضافة إلى، طبعاً، الفلسطينوفوبيا التي نالت الموقع الثاني أو الثالث. هذا يدل على الكيفية التي كتب فيها النص، وعلى الأولويات التي يرى الكاتب فيها أسس التواصل فيما يتعلق بإيصال الرسائل التي سُخّر لإرسالها.

طبعاً كم اللوم الذي يعتريني للأمين العام لليسار الإجتماعي، محمد كفاوين، والذي كان من المفترض أنه يمثلني آنذاك (قبل إعلان استقالتي)، أكبر من ذلك بكثير. لا أود الخوض فيه، إذ أن من مثلني سياسياً لم يسع بأي شكل إلى التواصل معي أو مع الأخرين فيما يتعلق بالموضوع، تماماً كما وليد جنبلاط. أستغرب حقاً من تفاجئي .




Wednesday, December 12, 2012

عن الإحتفال بالكرامة والكلام



لبّى العظيم كمال خوري اليوم دعوة مهرجان الكرامة لمجموعة "خفيفة" "الظل" من الشبان والشابات الأردنيين، للنقاش والحوار والكلام والاستفاضة في موضوع حقوق الإنسان. وفي حين تمت تلبية الدعوة من عدد أقل بكثير من العدد المدعو (إذ يبدو أن هنالك فهماً مجتمعياً عميقاً للعجز واللا قدرة على التغيير أو التصليح أو الإستصلاح)، فاضت الجلسات بما فاضت، وكان هنالك الكثير.

أولاً، إن المهرجان أو المؤتمر أو الفعالية أو الجلسة أو الإجتماع الذي يدعوني، ويدعو نيكولاس خوري أيضاً، يعاني من فقر فكري شديد يقارب القحط ويتجاوز مفاهيم التصحر والجفاف، وعمى بصري وبصيري هائل، يؤدي بطريقة ما، إلى أن تجمعني قاعة ما، مع نقيضي الفكري والثقافي والإنساني (لمن لا يعرف، نيكولاس خوري، بحسب وصفه لنفسه اليوم "كاتب مقالات سياسية وإجتماعية، وكوميدي محلي، ومغنّي راب"). إن كم الهوة والفجوة التي تحملتها جدران القاعة بسبب تواجد كلانا اليوم كان هائلاً بالمعنى الحرفي للكلمة. على كل، المفاجأة ليست هنا، بل كانت الصدمة ثقيلة الوقع أن المهرجان المعني بحقوق الإنسان، إستضاف نيكولاس خوري، الشهير بفيديو يسخر ويحاول أن يتفه فكرة حقوق المرأة، إستضافه ليكون أحد المتحدثين لشباب وشابات، لا يقلّون عني ذكاءً، مما جعلني أحس بالكثير من الإهانة وقلة الحيلة والضعف.

يمكنكم مشاهدة الإستهزاء بحقوق المرأة من خلال هذا الرابط، لكن أنصحكم بعدم ذلك إذ أن المزيد من المشاهدات يصب في مصلحة شركة خرابيش الإخوانية، ومصلحة كارهي مشروع حقوق المرأة
http://www.youtube.com/watch?v=Pppk8cSJr9E

لماذا؟ ما هو الخلل الحادث الذي من الممكن أن يؤدي إلى مثل هذه الجريمة بحق الفكر والعقل والتنوير؟ الجواب يبدأ بمساءلة الطبيعة البنيوية للمهرجان برمتها. كيف من الممكن لأي بنية، مهما كانت درجة العمى السائدة في لبناتها، أن تضعني وإياه في نفس المكان، لا بل، أنا في موقع المتلقي. إن ما أضاعه عقلي من علم ومعرفة بسبب الكحول، يفوق بسهولة كامل الوعي والإدراك الذي يمتلكه صاحب جملة "حقوق المرأة اشي، والمساواة مع الرجل اشي، أما تصيري جمعية والدعوة مفتوحة فهذا اشي تاني تماماً" (في التعليق على الحرية الجنسية للمرأة، على كلٍ، قد يواجه البعض صعوبة كبيرة في فهم النكتة، دعوني أوضّح، بما أن الجمعية تحتوي على الكثير من الأفراد، فإن الحرية الجنسية للمرأة، لاحظ المجاز الآن، تجعل المرأة كالجمعية. أما في مكمن النكتة، فلكم حرية البحث)

عودة لموضوعنا، قد أود أن أبيّن، أن المتحدثين الأربعة في أولى جلسات النقاش كانوا بكامل الروعة والصدق والإهتمام، وطرحوا شؤوناً وقضايا وأفكار جديدة وخلّاقة، قد أعرّج على هذه المواضيع لاحقاً في هذه التدوينة، لكن كان لا بد من توضيح هذا كي لا يقرأ المقال كانتقاد للمتحدثين، بل كانتقاد للبنية والعقل الواقف من وراء المهرجان.

قام المهرجان بعقد هذه الجلسات لمن؟ للشباب. ماذا يعني ذلك حقاً، الشباب؟ هل أفضل طريقة لإدارة الأمور تكون من خلال عقد اجتماعات لمجموعة يحدّدها العمر؟ أليس من الأفضل بناء المجموعة على أسس كالقاعدة الفكرية المشتركة؟ الخبرة في مجال العمل الحقوقي؟ النشاط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان؟ حتى أسس أفقر من ذلك بكثير قد تكون أفضل من العمر، لو جيء بالناس إلى جلسات النقاش بناءً على الطول أو لون العينين، لكانت المجموعة المدعوة بنفس التشتت الناتج عن التحديد باستخدام العمر. وهنا تماماً تكمن المشكلة. لا أعتقد أن هنالك سبب واضح أو فكرة مقنعة من وراء دعوة "الشباب"، إلا أن رنين كلمة "شباب" يبدو إيجابياً وكأن له علاقة ما مع المستقبل أو التغيير أو ما شابه. من الصعب حقاً أن يقول احدهم أن الشباب فئة مجتمعية غير مهمة (بإستثناء مجموعة النواب في الحدث التاريخي عندما وصفوا الشباب بالسكارى والحشاشين، وأنهم أقل ذكاءً من أن يشاركوا في صنع القرار). المهم، السبب الوحيد الذي يخطر لي لتبرير القيام بندوات شبابية هو سهولة تسويق المشروع، إذ يسهل الهتاف والتصفيق والهلهلة والتطبيل والتزمير لندوة أو حدث "شبابي". شببلك ستايل. كل الحديث عن الشباب كان يتم وكأن الشباب فئة إجتماعية غامضة غير قابلة للفهم. أعجبني ذلك إذ أن العجز والحيرة الناتجة عن عدم القدرة على فهم الشباب مضحكة عندما تظهر على الوجوه.

ومن هنا، لا نجد صعوبة في فهم دعوة نيكولاس خوري الشببلك للحديث في موضوع حقوق الإنسان، لأنه شاب، والندوة شبابية، وليست هناك إهتمامات شبابية سوى متابعة سيل الحِكم التي تُصب على رؤوسنا من أفواه شباب n2o. هذا الذي حدث، هكذا صارت الأشياء.

حالياً أقوم بقراءة "كتاب الضحك والنسيان" (كل الشكر لمثنى غرايبة على النصيحة)، وكتاب "البنيوية وما بعدها" (شكراً أحمد الهور) وأقوم بهذه القراءة كإحدى سبل المضي في نموي الفكري والثقافي، لعل وعسى. وفيما أنا أمضي في هذه المحاولات -الفاشلة- للعمل على تسريع هذا النمو، يفاجئني نيكولاس اليوم بجملة "الإرهاب الذي يتخذ من الدين قناعاً له...". أليس رمي أناس أبرياء مثلي بهذه التفاهة، بحد ذاته إنتهاك لحقوق الإنسان. هنالك خلل شديد جداً في هذا الوجود. والله! (يتناسى هؤلاء أن الدين منتج للإرهاب، وليس مجرد قناع) (تستفزني حقيقة أن الكتابة باللغة العربية على الحاسوب، لا تمكّن كتابة كلمة "الله" بدون الشدّة، فبدلاً من أن يقوم المؤمن بالتشديد عندما يكتب، ينبغي على الكافر، مثلي، أن يجد طريقة ما لإزالة التشدّد من على الله، وهذا تعبير دقيق عن معركة العلمانيين مع قوى التخلف والظلامية والرجعية وأمجد قورشا- أيضاً نبهنا نيكولاس اليوم أن أمجد قورشا صديق شخصي له، هل هذه صدفة؟)

من ضمن الأسئلة التي واجهتني خلال حضور جلسات المهرجان، "لماذا لم يتم المجيء برجائي قواس أيضاً؟". يعني التفاهة والسذاجة والتسطيح حدث، لم لا يتم أخذ الأمور إلى نتائجها القصوى والمجيء بقواس وفاطمة الشوملي ليتحدثوا لنا عن حقوق الإنسان؟

أيضاً، من ضمن ما لاحظت اليوم، التكرار المقزز للعبارات التي تحمل كلمة تغيير. التغيير المنتظر، الشباب الذي سيقوم بالتغيير، التغيير والإصلاح، التغيير بحاجة ماسة ل، التغيير المستقبلي، التغيير، التغيير. لا أحد يدرك تماماً ما هو الذي نحن بصدد تغييره، مجرد التغيير والشباب والشباب والتغيير. لا أدعي أن على التغيير أن يكون من خلال خطة، أو إستراتيجية، أو النفس الطويل، الأزمة أن كلمة تغيير عندما تنطق في هذه المحافل لا يصحبها مفعول به. وكأنما الجميع يدرك ما الذي يجب تغييره، لكنهم يدركون أن من الخطير لفظه. سأقوم بها الآن، جاهزين؟ تغيير النظام.

المفهوم الجديد بالنسبة لي، والذي طرح مراراً في الجلسات اليوم، هو مفهوم الإقصاء. تكلم المتكلمون في ماهية الإقصاء، وكيفية أن الإقصاء هو أحد أشكال إنتهاك حقوق الإنسان (كلمة إنتهاك كلمة غريبة، وفيها ما هو جنسي). الإقصاء للمرأة، الإقصاء ل... الشباب! الإقصاء بكافة أشكاله. أثار ذلك في ذهني ما يلي: "هل من الممكن وجود نص أو مجتمع أو مقال أو عملية ما لا تحتوي على شكل من أشكال الإقصاء؟". الجواب برأيي هو لا. كل الأشياء المحدودة (وكل شيء محدود) لا بد لها أن تسكت عن شيء ما، أن تقصي جانباً ما، فرداً ما، كي تتمكن من العمل في ظل محدودية الزمن والموارد. وبالتالي، فإن مفهوم الإقصاء لا بد أن يشتمل في إعادة تعريفه على طريقة ما لإبقائه آنياً بالرغم من كونه دائم الحضور. (إذ أن الأشياء دائمة الحضور غالباً ما تبتعد عن إمكانية الحديث عنها بشكل يحمل في طياته الشعور بالعجلة أو الآنية)

على كل، وبأول فرصة لي للتحدث، قمت بطرح السؤال التالي على أستاذنا الكبير نيكولاس: "الأراء الساخرة أو التي تحاول تتفيه فكرة حقوق المرأة، كما رأيك الذي عبرت عنه في حلقة n2o، كيف يتماشى مع حديثك الآن عن حقوق الإنسان من ضمن فعاليات مهرجان كرامة؟" وعينك ما تشوف إلا النور. تحولت القاعة وبشكل مفاجئ وسريع لساعة كاملة إلى شكل من أشكال المحاكمة. من أجمل المشاهد التي رأيتها في حياتي. مداخلة تلو الأخرى، كانت تتسأل عن كيفية تبرير الأستاذ الكبير نيكولاس لموقفه، أيضاً كانت كل الإجابة التي يقدمها تزيد الطين بلة، إذ وفي كل مرة كان يحاول تفسير "قصده" كانت النتيجة تخرج أشد قبحاً وسوءًا. الجميل أن المحاولة المستمرة من مديرة الجلسة لإنهاء هذا الشكل من الحوار فشلت مرات عدة. والأجمل من ذلك بكثير هو جملة كمال خوري العظيم لاحقاً التي لامست مسامع الأستاذ "أنا سعيد جداً بتحول الجلسة إلى جلسة محاكمة لك". وهذا صادق، كانت الجلسة شديدة القسوة، وعملت جاهداً على منع أي نوع من مشاعر التعاطف من أن تنساب إلى قلبي، وكانت النتيجة ما يلي، ممارسة واضحة ومباشرة لأجمل وأرقى أشكال الإقصاء ضد من ينبغي إقصاؤه. كانت نجاحاً مهولاً من قبل المتحدثين في بداية النهار في تفسير وتوضيح وشرح ممارسة الإقصاء، كم كنت أتمنى لو أنهم شاهدوا اللحظات التي أثبتت أن المستمعين كانوا يستمعون، ويتعلمون، ولاحقاً يمارسون.

من الأشياء التي تم الحديث عنها أيضاً كان إقصاء السحيجة. العديد من المشاركين اعتبروا أن ممارسة الإقصاء لا تجوز على السحيجة والبلطجية والسرسرية والزعران الذين يستأجرهم النظام لقمع مسيرات الحرية. لم أتمكن من قول رأيي بهذه النقطة، إذ وقبل أن أتفوه بكلمة، تنبهت إلى أن المُقصى نيكولاس يحمل نفس الموقف العام من هذا الشأن كما موقفي (مما شككني بالموقف، لكني فهمت لاحقاً أن إمكانية وجود موقف عام مشترك ضئيلة، لكن إمكانية وجود موقف عام مشترك لنفس السبب وبنفس الأفكار معدومة)، فما كان مني إلا السكوت. لكن، وكفكرة، إن المنكرين لحقوق الإنسان يجب أن يُنكروا هذه الحقوق. وبالتالي، فإن السحيج، أو البلطجي، يجب أن يعامل كما معاملة الّابة التي تروم الأرض، لا أكثر ولا أقل، لا يمكن الإصرار على حقوق الإنسان لحيوانات.

لدي الكثير من الأفكار التي أود كتابتها عن الموضوع، لكن طالت هذه التدوينة، فسأتابع لاحقاً في تدوينة أخرى.



Thursday, December 6, 2012

هتافات لم تر النور



غابت مجموعة من الهتافات عن الإحتجاجات الأردنية، هذه الهتافات من تأليفي، وعلى الأغلب كان هذا السبب في غيابها. على كلٍ، شاركوني بهتافات من تأليفكم كي نجمعها في تدوينة أخرى.

وهب يا هالشعب وثور،
وعينك ما تشوف إلا النور.

يلي بتكتب في التقرير، وصل لمعلمك الكبير،
وسمعلي المخبر جبريل، آني أخوكم الصغير،

بالتعاون مع فراس شحادة:
بلوبيف بيلوبيف،
بحلم فيك الربع رغيف

الشرطة الدرك والجيش...
ما حبسوا عزة ليش
(معاذ عزة، رفيق وصديق، يأبى أن لا يسجن في كل مناسبة وبغض النظر عن السبب)

حبسوا نص الأحرار،
ولسا الحبل عل الجرار..

لا حرية ولا معاش..
جك جك هو الأساس..
(إعتصام جك هو الإعتصام الأسبوعي عند جامع الكالوتي الذي يرفض الإنخراط بالشأن الأردني، ويعتقد أن العالم متمحور حول سفارة الكيان الصهيوني الملوثة لجمالية مدينة عمان وتحديداً الرابية)

في فن التسول الذي لا بد أن نتعلمه قريباً:
وهييه ويله،
يا محسن كله لالله

سعافين كان نازل يشوف..
الإخوان عل المكشوف..
مسكوه على الرصيف..
قاعد فترة في السجون..
بثمه ما بحط رغيف..
وهسا بيضعف عل أكيد..
(مهدي سعافين أحد معتقلي الهبة، مضرب عن الطعام لليوم الثامن)

يا عبدالله يا أبن حسين..
بمزح بمزح..

من عمان لكل مكان..
احنا شعب جد جبان..



Monday, December 3, 2012

طلّعوا هالشباب بلا هبل

تابع هذا الأسبوع كل المدوّنات وكتّاب الأعمدة ورسّامي الكاريكاتير والمثقّفين وأشباه المثقّفين، تابع كتّاب الرصيف والقهوة والسفرجل والياسمين، تابع جماعة كل بوصلة لا تشير إلى الله أعلم أين، هي بوصلة ربّك ما عرف شو مالها، تابع جماعة حبّك نار وقلبك طفاية، تابع جماعة زقزق رقص، تابعهم جميعاً هذا الأسبوع، واعرف أن من تغاظى عن كتابة شبه نص أو بيان أو خاطرة أو رواية، أو قصة قصيرة أو ستاتس فيسبوك، وما أدراك ما الفيسبوك وما يحمل في طيات رسائله ولايكاته، فيما يتعلق بموقوفي هبّة تشرين هم كتّاب الظلم والخنوع وطأطأة الرأس والأصابع، هم من لا يكترث صوتهم ولا تكترث أقلامهم بنا وبالناس وبالفقراء الصامتين الخانعين، الذين بتنا صوتهم لسبب ما أو عبرة ما أو حتمية تاريخية مشوّهة ما.

بيان رقم ١١:

بإسمي، وبإسم المدمنين على الكحول والتبغ والإكتئاب، وبإسم قيادة المثلث الأمني الثاني، وبإسم جميع من لا نمثّلهم،

إننا نرى، أن إعتقال الشباب الواعي، والزّج به في سجون الظلامية والتعذيب والتهديد والهوان، ما هو إلا محض غباء وغطرسة، تتجاوز في عنجهيتها جنون نيرون التاريخي المريب. "من أنتم؟". وكأن القائمين على إدارة المركز السياسي الإقتصادي السادي المتغطرس، يريدون للبلاد الذهاب بإتجاه الفلتان الأمني عند رفع الأسعار المقبل، بدلاً من وجود نواة من الناشطين والحراكيين السلميين للمساعدة في إدارة أزمة النظام والبلاد القادمة مع رفع الأسعار المقبل الحتمي. فبدلاً من وجود هذه النواة التي ستشد أية أحداث، قادمة لا محالة، بإتجاه الإحتجاج السلمي، وبدلاً من زج الناس في المشاركة في إتخاذ القرار (خاصة وأن النظام، بكل ذكائه الفذ واللّماع قرر إغلاق باب الإنتخابات في وجه المشاركة الشعبية في تسيير وضع البلاد الهالكة)، يبدو أن النظام، كما وضّح لنا كبير بلطجيته في المؤتمر الصحفي المشؤوم، يخيّر الناس ما بين الفلتان الأمني العارم، أو السكوت والرضوخ والمذلة والهوان.

التالي في هذا البيان مهم، إذ يتناقض مع شكل البيان التاريخي، شيوعياً كان أم بعثياً. إننا لا نرى أن شعبنا متفوق جينياً على شعوب العالم الأخرى (بعكس ما يعتقد جماعة عمر العبدلات وجماعات نفقع العين ونطقطق العظام ونقنص الطير الطاير ونحرق الماء وندهن الهواء من على المنصة). وبالتالي، فإننا لا نعتقد أن شعبنا لا يقبل المذلة ولا الهوان، بالعكس تماماً، شعبنا العظيم قادر على تقبل المذلة والهوان والمسح بالأرض والبهدلة كما أي شعب آخر. لكن الحديث هنا ليس عن ذلك، بل عن الجوع والفقر المدقع القادم. وبالرغم من تفاهة القول بال-"الحق" في العمل، إذ أن العمل لا يعدو كونه إضطراراً، فإن شعبنا العظيم لن يجد أمامه قريباً سوى مقولة "نحرق الأخضر واليابس" في فلتانه الأمني القادم، إذا وفقط إذا، لم يتم الإفراج عن أولائك الأحرار، الوحيدون القادرون على النهوض بالناس بإتجاه العمل السلمي السياسي المنظم، بدلاً من الحفرة التي نتوجه إليها.

ملاحظة (والملاحظة إنهاء ضمني، أصبح علنياً الآن، للبيان -والسبب في ذلك أن البيان لا يلاحظ، بل يقرر ويحدّد ويهدّد ويدغدغ): إن الدولة الأردنية، لا تستطيع، بسبب لا تميّزها ولا تفرّدها ولا تفوّقها وعجزها وقصورها، أن تخلق الشكل الجديد في إدارة المجتمعات والأنظمة. فإما أن تُساق هذه الدولة إلى مستقبل دولة المواطنة والحرية والتلبرل، وبالتالي يُمنح أصحاب الصوت والقبضات حريتهم في بح أصواتهم في شوارع البلد، ورمي قبضاتهم في وجه السماء الصامتة الباردة الباهتة، دون توقيف أو إيقاف أو تهديد أو محاكم تفتيش أو تعذيب، وإما العودة إلى الدولة الدكتاتورية الشمولية، التي تمتاز، خجلاً، بإقتصاد يرعى الناس والعباد ويضع نصب حَوَلِ عينيه مصلحة الطبقات الوسطى والمفقرة. أمّا أن تكون الدولة الأردنية اللا متميّزة دولة شمولية تصادر الحرية والخبز معاً، فزور وبطلان وكبيرة عليكم.

ومن هنا، (لاحظ هنا العودة الجزئية إلى صيغة البيان)، فإننا نحذر بكل ما أوتينا من كلماتٍ عجاف، من مغبّة الذهاب بالبلاد إلى شفير الهاوية، إذ أن الأيادي والأنامل التي ستُقطع في حالة الغياب الكامل للنظام، ستكون كل الأيادي والأنامل، وتحديداً البريئة منها، وعندها، فقط عندها، ستصدح في أجواء حبيبتنا عمان العاهرة، ألحان "تفيد بإيه،، إيه، يا ندم، يا ندم، يا ندم..". فاحذروا أيها المتألقون اليوم، إذ أن الفقراء سيرثون جهنم هذه الأرض.

اللهم اني قد بلّغت،
اللهم فاشهد.
(عادي أمجد قورشة مش أحسن مني)

تاريخ اليوم،
عمان


Sunday, December 2, 2012

دوّن يخي دوّن


إن كنت كاتباً، أو صحفياً، أو مدوناً، أو شاعراً، أو رساماً، أو بتخربش خربشات على دفتر ما، إذا كنت تكتب خواطر ما عندما تكتئب، أو كنت تكتب الشعر الركيك لحبيبتك في الصف التاسع، إذا كنت تهوى كتابة الستاتس الطويل على فيسبوك، أو تجيد تصميم اللوجو، أو لا تجيد تصميم اللوجو، إذا كنت مشغول بكرا، أو فاضي أشغال، أو عاطل عن العمل، دوّن للحرية غداً الأثنين، لأن لا شيء أهم من هذا غداً، لا شيء على الإطلاق. يخي في اشي أحلى من الحرية؟ في إشي أسفل من الخوف والتردد وخيانة الذات؟

اعتُقل أكثر من ٣٠٠ ناشط وناشطة خلال الشهر الماضي، تم الإفراج عن عشرات منهم، بينما ١٠٧ يمثلون أمام محكمة أمن النظام والغطرسة والشمولية والعربدة والبربرية السافلة الفاسدة المنحطة. من بين هؤلاء تم اعتقال أطفال، بعض المعتقلين كسّرت أطرافهم تحت الضرب والتعذيب، وأخّرت عن هؤلاء تحديداً سبل العناية، العديد مثلوا عراة أمام السجّانين الغاصبين المدججين بالظلام الحالك في أقبية التعييش والتعذيب، وقد بدأ البعض إضراباً عن الطعام من أجل الحرية والحد الأدنى من الحقوق الإنسانية. لا يجوعون الآن من أجل تخفيف الوزن بل من أجل الحرية والكرامة الإنسانية والحق. لا تصدق ما قيل لك عنهم، ليسوا مخربين، ليسوا أعدائك، لا تصدق قاذورات الوكيل والكلاب في المؤتمرات التي يدفنون أذنيك بها، هؤلاء مطالبون بالحق، وإسترداد المال العام والخاص بك أنت تحديداً المنهوب من قبل الدولة الفاشلة. هؤلاء خرجوا إلى الشارع عندما خاف الآخرون، رموا كلامهم في وجه السلطان، والسلطان الآن لا بد يشعر بالأمن والأمان، إذ أخرس أصواتهم بالمحاكم عارية الشرف والنزاهة، محاكم تفتيش زمننا هذا، تذكر أن الأمن والأمان ليسوا لأمثالك ولأمثالي، بل لأولئك أصحاب البذخ والترف والعطوفة والسمو، الباشات والبيكات، المعلم الكبير والصغير. كن شيئاً يا بني أدم وأصرخ، أو أكتب، فاليترك أضعف الإيمان للأميّ، أما أنت القارئ والكاتب والرسّام، فاكتب بإسم ربك الذي خلق، إذ لديك عمل قبل الفجر جليل كالله، ستصرخ.

السر في هذا الحماس في الدفاع عن المعتقلين هو أن الجميع معرض لهذا التغول من قبل دولة البلطجة والسرسرة. إذا اعتقلوا اليوم ٣٠٠ من أجل تظاهرهم ضد رفع الأسعار، فستعتقل أنت غداً من أجل التنهد في غير مكانه، أو من أجل تأخرك في التصفيق لقرار الدولة بفرض ضريبة الحياة. في القرن الواحد والزفت الذي نعيشه، لا يجوز أن تصادر حريتك في التفكير أولاً، وحريتك في التعبير ثانياً، وحريتك وحقك في العمل السلمي من أجل ما تؤمن وتصرّح به. الدفاع عن هؤلاء المعتقلين هو دفاع عني وعنك وعن كل أولائك الصامتين المتخاذلين، إذ ستأتي اللحظة التي سيجبر الجميع فيها على الإحتجاج، لكن حينها، وإن لم نكن قد أسسنا اليوم، الحد الأدنى من الحرية، سنكون قد نسينا معنى الرفض والإعتراض والإحتجاج. فلا تنسى من أنت. أنت ما ستكتبه غداً من أجل الحرية.

إكتب غداً للتصوف، ارسم غداً كعبادة، إلعب بقلمك، مشّيها، فقط أكتب أو دوّن أو سوي أي اشي عشان العالم والناس المحبوسين بدلاً عنك

Blogger templates

About