Thursday, February 7, 2013

في نفسية الأمة إلي بدها حرق




أولاً، إذا جنوا قرايبك عقلك ما بنفعك يخي، ولم يأتيكم كمال إلا ليشرح لكم غمّكم ويفرد لكم كربكم على بساط من عقل مبين.

ثانياً، لم أتمكن من الكتابة مؤخراً لهذه المدونة، بسبب إنشغالي في عمل كتابة آخر يدر المال بدلاً من مسخرة المدونة والتدوين، مما يذكرنا أن التدوين الذي لا يدر المال، بغض النظر عن أي فترة حدث بها، لم يكن ليتم أو يستمر. أيضاً، كان من الضروري أن أكتب شيئاً، إذا ما كتبت، يتعرض للمواضيع الأخيرة بنفس الوقاحة والإستفزاز الذي تسبب بكثير من التعليقات، وضحّت سمو كمال وتجليه وعليّه ورقيّه وكماله، وسفاهة وضحالة وتفاهة ودناءة المعلقين، إذ تسير القافلة فيما كلابٌ ما تنبح ولا تلحق بالركب العظيم. فنشأ ما يلي:

في الحديث عن الحالة النفسية للأمة، وبيان ضرورة حرقها، لا بد لنا أن نتعرض للمواضيع الآتية، على سبيل التعرض للعقل الجامع، وليس الفردي، وإن لم يختلف معظم الأخير.

حقيقة إسرائيل والعجز: لا تمثل حقيقة إسرائيل لبني الأمة قضية شعب مظلوم فحسب، وربما لا تمثل قضية ظلم على الإطلاق. إن تعامل الأمة مع القضية الفلسطينية، لا يظهر ولا يتجسد في أعمال تهدف إلى رد الحق لصاحب الحق، ولا لرفع الظلم والهوان عمن بُلي به، هي في عمقها تعامل مع الشعور القاسي والبارد بالعجز. تشكل إسرائيل فعلياً دليلاً واقفاً شامخاً راسخاً راكزاً على العجز الشديد الذي يشعر به بنو المنطقة. هذا الشعور بالإنكشاف والضعف واللا حول ولا قوة، يولد، وبطريقة ممنهجة، حالة القلق وعقدة الرعب من الخصي. يقوم العقل العربي والإسلامي بالكثير من البهلوانيات في سبيل ترميز الرغبات والمخاوف التي تعتريه. (هنا، وفي إطار آخر لا يمت بصلة للتحليل، من الجميل أن نتذكر أو نلاحظ الشبه الغريب والمريب في تصميم النقشة على الحطة، وشكل الأسلاك التي اعتدنا منذ طفولتنا على الإنتظار والوقوف والجلوس والعبور والتوسل عندها عبر كل حاجز أو مكتب مراجعة أمني). إن الحاجة الماسة لإستعادة فلسطين لا تمت بصلة إلى مشكلة شعب شرد وأفقر وسلب عبر العشرات من السنين. بالنسبة للعقل الجمعي، إن الحصول على فلسطين ثانية، بديلة، تشبه فلسطين "الأصلية" تماماً، بنفس الموارد والتضاريس، مع نقل المسجد الأقصى وقبة الصخرة وكنيسة القيامة لهذه الأرض الجديدة، لن يكفي كبديل عن فلسطين "الأصلية". هذا على الرغم من أن الإكتراث والإهتمام كان من المفروض أن يكون منصباً على الناس، وليس على قطعة من الأرض. وهذه ليست بمصادفة، إذ أن العودة والتحرير لا تتعلق بالإنسان أو الفرد بشكل إحتكاري، بل بإعادة التوازن إلى الأنا المجروحة النظيفة التي لا تستطيع أن تتعامل مع ما تعرضت له من إقصاء وتهميش وركل، في سعيها الدائم إلى إعادة إحترامها لذاتها عبر الصراخ عن الرغبة بالحاجة إلى أمل ما كي يتحقق الحق بالإنتقام وقتل الآخر (أو اطعامه للأسماك)، ذلك الآخر الذي جّرد الأنا العربية الإسلامية من ما تدعيه من قوة ومعنى ومقدرة.

إن الأزمة بشكل أوضح تتعلق بالشعور بالعجز أمام الأنظمة الأمنية والكلاب البوليسية من جهة، والشعور بالضعف أمام إسرائيل من جهة أخرى. فلنلاحظ مثلاً أن الجهاد في سبيل الله ورسوله الحبيب لا يصب أصحاب اللحى المنفرة في مسرى ومعرج رسول الله، عليه ما عليه من سلام وصلاة، بل يصبهم في سورية والشيشان وأفغانستان ولندن. وهذا الكلام مهم إلى حد ما، إذ أن عقل الأمة يقوم بإخفاء وتظليل وترميز وجود إسرائيل إذا ما كان هناك من عمل ما كالجهاد، لكنه يستحضره ويضخمه وينفخه كما البالون عند الحاجة للحديث عن الأنظمة والثورة والقيام والنهوض والبعث. أيضاً، الشعور الدائم بأننا مهددون بالإخفاء التام والشامل والإبادة على يد إبن العم الإسرائيلي، في حال تململنا، قاسي جداً. إن إسرائيل جعلت لنفسها صورة كما الله في العقل العربي. فهي متفوقة في سابع سماء علياء بطيورها الأبابيل الأمريكية الصنع، ومهما حاولنا، لا نستطيع إلا أن ننظر إليها في الأعلى، وهي تمسح أقواماً عن بكرة أبيهم وتزلزل الأرض تحت أقدامهم المهتزة المرتجفة إذا ما تلكؤا في الخنوع والخضوع والرضوخ والركوع.

وهذا الرب الإسرائيلي المطلق القوة والمعرفة والتطور (وبالرغم من حيازة إسرائيل في الكلام العربي على صيغة المؤنث، إلا أن كلمات "الكيان" و"الإحتلال" و"العدو" تفيه ما تفيه من ذكورية مفرطة منتصبة) يمثل ذكراً قوياً نواجه فكرته كل يوم. وكأنما فلسطين الأم والجنة والمرأة والجرة والماء، قد تم إختطافها من العم الإسرائيلي القوي القادر، في حين لا يمتلك طفل العقل العربي شيئاً كي يسترجع حنان الأم وعطفها، إذ أنها أرض "مغتصبة"، "يجثم" عليها العم القوي بلا حول لنا ولا قوة. أيضاً، فإن هذه الفلسطين شكلت ما شكلت من رموز وأصنامٍ وطواطم مقدسة، فالحطة والحنظلة والخريطة والصورة والقصيدة واللوحة باتت بشكل ما اكسسوارات لطقوس دينية كربلائية، مليئة بالنوستالجيا والندم والعويل واللطم والحزن والشوق والقهر، وكأنما هذه الطقوس تكفي بطريقة ما، أو تساعد بطريقة ما، على إستعادة الجنة التي فقدناها قبل أجيالٍ وسنون. وليس لدينا، سوى محاولة النهضة والإنتصاب كي نرجعها، (لكننا ندرك مدى صعوبة ذلك أو إستحالته)، وعدا ذلك ليس لدينا سوى التضرع والقيام بالطقوس اللازمة، لنثبت أننا نتوق شوقاً لشيءٍ ما، يشبه الجنة في وصف ثماره، ويشبه الأم في الشوق لدفئه وحنانه.  أما الأب:

الحاكم والمخابرات والأمن: وهنا نزيد النص، إذ، وبالرغم من الإخصاء التام الذي تعرضت له عقولنا أمام المعجزة الإسرائيلية، يصعب على النظام العربي التعامل مع سكان البلاد. إذ أن النظام العربي مضطر لإطلاق الكلاب على من يتفوه بالكلام أو من يصاب بالتفكير كي تبقى حقيقة إخصائه سراً لا يقوله أحد، وإن عرفه الجميع. لذلك، وفي ظل ذل العجز الجنسي الذي أصيب به عقل النظام العربي، لا يمتلك سوى إهانة الطفل المسكين، إذا ما أمسك به يستمني محاولاً، بسذاجة وضعف واضحين، ضرب العم أو إستبدال الأب أو الإنتفاض في وجه العجز. وحينما لا يتبقى لهذا الطفل سوى الخنوع، يقبل على مضض، لكنه يطالب هذا الأب الفاشل، بتقديم أقل ما يمكنه، كأب راعٍ لأسرة، أن يقدمه من غذاء ودواء ورعايةٍ وحماية. لكن الأب ليس في حكم المخصي فحسب، بل فقيرٌ تافه لا حول له على الرعاية أو العناية

خلص قرفت بطل جاي عبالي أكتب، لبعدين يخي.


No comments:

Post a Comment

Blogger templates

About