Sunday, October 7, 2012

حيوانات

كم نتناسى أننا حيونات، حيوانات بكل معنى الكلمة البريء والبسيط. ألا يذكركم الطعام بذلك؟ عندما ننهال عليه كما كنا قبل سنون طويلة، حتى بأدوات الفضة أو الستينلس ستيل؟ عندما نصفق ألا يستثير ذلك في عقولنا مشهد الغوريلا وهي تفعل الشيء ذاته، للسبب ذاته، بنفس السذاجة والغباء والبساطة؟ شخيرنا والأصوات التي نصدرها عند التضاجع لماذا لا تستحضر في عقولنا سريعاً قناة ناشونال جيوغرافيك؟

عدا الطعام والجنس، ما هي احتياجاتنا الحقيقية، سوى التكاثر بأكثر أشكاله حيوانيةً وسفالة، والطعام، بكل قرفه وأصوات مضغه اللئيمة. لكننا ننسى ذلك على الدوام، وكأننا أشياء أخرى، كل هذا النظام والمال والعمل، كل هذه الساعات والأوراق، ماذا نحتاج منها حقيقةً؟ تنظيم؟ تنظيم لسفالتنا؟ إنها مجرد محاولة تافهة بلا أهمية، ولن يذكرها التاريخ، إذ لا وجود لتاريخ، كي نبتعد عن الطبيعة بإتجاه الثقافة، بلا جدوى، بأزمة وجودية، جعلتنا نتعاطى أدوية كي نتأقلم مع صورتنا المشوهة التي خلقنها عن أنفسنا، ونكاد لا نستطيع بعد الآن، أن نستمر بها شبراً واحداً إلى الإمام.

قبل اختراع فرشاة الأسنان، كيف كنا نتأكد من بقاء هذه الأنياب والضروس؟ ببساطة، قبل عشرات الاف السنين، لم نعش (لاحظ نعيش، نعش، قريبات) أكثر من ٤٠ عاماً في المعدل، إن لم يكن أقل بكثير. قام الإنسان عبر المال والعلم والثقافة والمعرفة، بمد أعمارنا إلى الضعف، ومن أجل أسنان تدوم، جعل لنا فرشاة أسنان، فنعيش طويلاً، بأسنان، لكن تعساء مؤزّمين، بأسنان، بلا أدنى شعور بالسجية والراحة، وفي كل لحظة نحارب ما يجعلنا نحن، ونتمسك به في آن معاً.

نحن كائنات حية. فقط. لا أكثر ولا أقل، حتى أعتى طقوسنا وأشدها تعقيداً، لا تبتعد عن رقصة طاووس أو اتيكيت طائر ما. لكننا نفعل ذلك بشكل مقزز، وكأننا شيء آخر عدا إفارزتنا البيولوجية المجردة ذات الروائح المحببة إلى أنوفنا، والتي تعلمنا كراهيتها زمان.

الفرق بين الصراع العنصري أو الوطني من جهة، وتناحر كلاب على مأوى أو طعام، هو صفر.

الفرق بين الحرب الأمريكية على العراق، وبضعة ضباع بريئة تهاجم زرافة ضلّت طريقها هو صفر.

شاب يعاكس فتاة في شارع، وقرد يلطخ نفسه بقشر الموز نفس الشيء تماماً،

حيونات، تعتقد أنها أفضل من الكلاب، لكن إن فهمت، تحسد الصراصير، إذ أنها الفائز الأبدي، الغريزة بأجمل تجلياتها، لا شيء سوى ذلك.

2 comments:

  1. مقال رائع كل كلمة معبرة بس السؤال كان قصدك منه كل البشر كامتعاض للوجود البشري ولا انو كائنات العالم الثالث؟ لانو اظن في اكتر من مجتمع بنشوف نفس الصورة بحب ازكرك بفيلم fight club

    ReplyDelete

Blogger templates

About